اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 135
وكان الوقت كافيًا لإخراجها وإيصالها إلى مستحقيها , لصغر حجم المجتمع , ومعرفة أهله بعضهم لبعض , ومعرفة أهل الحاجة منهم وتقارب منازلهم , فلم يكن في ذلك مشكلة.
فلما كان في عصر الصحابة اتسع المجتمع , وتباعدت مساكنه , وكثر أفراده , ودخلت فيه عناصر جديدة , فلم تعد فترة ما بين صلاة الصبح وصلاة العيد كافية , فكان من فقه الصحابة أن كانوا يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين.
وفي عصر الأئمة المتبوعين من الفقهاء المجتهدين ازداد المجتمع توسعًا وتعقدًا فأجازوا إخراجها من منتصف رمضان , كما في المذهب الحنبلي , بل من أول رمضان كما في المذهب الشافعي.
ولم يقفوا عند الأطعمة المنصوص عليها فِي السُنَّةِ , بل قاسوا عليها كل ما هو غالب قوت البلد.
بل زاد بعضهم جواز إخراج القيمة , لا سيما إذا كانت أنفع للفقير , وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه , إذ المقصود (إغناء المساكين) في هذا اليوم الكريم , والإغناء كما يتحقق بالطعام يتحقق بدفع قيمته , وربما كانت القيمة أَوْفَى بمهمة الإغناء من الطعام , وخصوصًا في عصرنا , وفي هذا رعاية لمقصود النص النبوي , وتطبيق لروحه , وهذا هو الفقه الحقيقي.
السُنَّةُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالرُّوحِ أَوْ بَيْنَ الظَّوَاهِرِ وَالمَقَاصِدِ:
إن التمسك بحرفية السُنَّةِ أحيانًا لا يكون تنفيذًا لروح السُنَّةِ ومقصودها بل يكون مُضَادًّا لَهَا , وإن كان ظاهره التمسك بها.
خُذْ مَثَلاً تشدد الذين يرفضون كل الرفض إخراج زكاة الفطر بقيمتها نقدًا , كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه , وهو قول عمر بن عبد العزيز وغيره من فقهاء السلف.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 135