تَفْرِيْعَاتٌ
الأوَّلُ: إذا كانَ أصْلُ الشَّيخِ عِندَ القِرَاءَةِ [4] عليهِ بِيَدِ غَيْرِهِ وهوَ موثُوقٌ بهِ، مُرَاعٍ لِمَا يَقْرَأُ، أهْلٌ لذلِكَ، فإنْ كانَ الشَّيْخُ يَحْفَظُ ما يُقْرَأُ عليهِ فهوَ كَمَا لَوْ كَانَ أصْلُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، بَلْ أوْلَى لِتَعَاضُدِ ذِهْنَي شَخْصَيْنِ عليهِ، وإنْ كَانَ الشَّيْخُ لاَ يَحْفَظُ ما يُقْرَأُ عليهِ، فهذَا مِمَّا اختَلَفُوا فيهِ: فَرَأَى بعضُ أئِمَّةِ الأُصُولِ [5] أنَّ هَذَا سَمَاعٌ غَيرُ صَحيحٍ، والمخْتَارُ أنَّ ذَلِكَ صَحيحٌ وبهِ عَمِلَ مُعْظَمُ الشُّيوخِ وأهْلِ الحديثِ. وإذا كانَ الأصْلُ بِيَدِ القَارِئِ وهوَ موثُوقٌ بهِ دِيْناً ومَعْرِفَةً، فكذَلِكَ الحكْمُ فيهِ، وأوْلَى بالتَّصْحِيْحِ، وأمَّا إذا كَانَ أصْلُهُ بِيَدِ مَنْ لاَ يُوثَقُ بإمْسَاكِهِ لهُ، ولاَ يُؤْمَنُ إهْمَالُهُ لِمَا يَقْرَأُ، فَسَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ القَارِئِ أوْ بِيَدِ غَيْرِهِ في أنَّهُ سَمَاعٌ غَيْرُ مُعْتَدٍّ به إذَا كانَ الشَّيخُ غَيرَ حافِظٍ للمَقْرُوءِ عليهِ، واللهُ أعلمُ. [1] شكك الزركشي في هذه القصة في نكته 3/ 486 - 487 ثم قال: ((فكأن هذه الحكاية لم تصحّ)). وانظر: محاسن الاصطلاح 252 - 253، وفتح المغيث 1/ 418. [2] هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مطر الفِرَبْرِيُّ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري، توفي سنة (320 هـ). قال صاحب الأنساب 4/ 334 عن الفِرَبْرِيُّ: ((بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى))، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/ 290. وفي التاج 13/ 311: ((فِرَبْر، كِسَبْحل، وضُبِط بالفتح أيضاً، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين))، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15/ 12، ومعجم البلدان 4/ 245. [3] هذه القصة في الكفاية: (436 ت، 303 - 304 هـ)، وانظر: محاسن الاصطلاح 252 - 253. [4] انظر التقييد والإيضاح: 171. [5] هذا الأصولي، هو أبو بكر الباقلاني ووافقه إمام الحرمين. الإلماع: 75، والبرهان 1/ 413. قال الزركشي 3/ 488 ((والعجب من المصنف في عزوه ذلك لبعض الأصوليين، وقد نقله الحاكم عن مالك وأبي حنيفة)).
اسم الکتاب : مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث - ت فحل المؤلف : ابن الصلاح الجزء : 1 صفحة : 257