responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث - ت فحل المؤلف : ابن الصلاح    الجزء : 1  صفحة : 207
مِثَالٌ: ((رُوِّيْنَا عَنْ أبي عِصْمَةَ وهوَ: نُوْحُ بنُ أبي مَرْيمَ [1] أنَّهُ قِيْلَ لَهُ: ((مِنْ أيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، في فَضَائِلِ القُرْآنِ سُورَةً سُوْرَةً؟))، فقالَ: ((إنِّي رَأيْتُ النَّاسَ قَدْ أعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ واشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أبي حَنِيْفَةَ، ومَغَازِي مُحَمَّدِ بنِ إسْحَاقَ، فَوَضَعْتُ هذهِ الأحَادِيْثَ حِسْبَةً)) [2].
وهكذا حَالُ الحديثِ الطَّويلِ الذي يُرْوَى عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في فَضْلِ القُرْآنِ سُوْرَةً فَسُوْرَةً، بحثَ باحِثٌ [3] عَنْ مَخْرَجِهِ حَتَّى انتَهَى إلى مَنِ اعترَفَ بأنَّهُ وجماعةً وضَعُوْهُ، وإنَّ أثَرَ الوَضْعِ لَبَيِّنٌ عليهِ. ولَقَدْ أخطأَ الواحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ ومَنْ ذكَرَهُ مِنَ المفسِّرِيْنَ في إيدَاعِهِ تَفَاسِيْرَهُمْ [4]، واللهُ أعلمُ.

[1] هو أبو عصمة نوح بن أبي مريم يزيد بن عبد الله المروزي، كان عالم أهل مرو، ويلقب بالجامع؛ لجمعه أنواع المعارف، وهو متهم بالوضع، توفي سنة (173 هـ‌). ميزان الاعتدال 4/ 279.
[2] رواه الحاكم في المدخل إلى الإكليل: 48، وابن الجوزي في الموضوعات 1/ 41.
[3] أبهمه المصنف، وهو المؤمل بن إسماعيل. كما صُرِّحَ به في القصة التي ساقها الخطيب في الكفاية:
(567 ت، 401 هـ‌)، وابن الجوزي في الموضوعات 1/ 241.
قال الزركشي 2/ 297: ((كأن المصنف إنما أبهم الباحث لفضاضة فيه، فقد قال أبو حاتم الرازي: مؤمل بن إسماعيل كثير الخطأ، وقال البخاري: منكر الحديث)). فيما يرى ابن حجر 2/ 862 أنه أبهمه اختصاراً. وانظر: التقييد والإيضاح: 134، واللآلي المصنوعة 1/ 227، وتنْزيه الشريعة 1/ 285.
[4] ((كالثعلبي والزمخشري في ذكره، لكن الثعلبي والواحدي ذكراه بالإسناد، فخف حاله؛ لأنه يعرف أمره من الإسناد، بخلاف من ذكره بلا إسنادٍ وجزم به كالزمخشري، فإن خطأه أشد)). نكت الزركشي 2/ 297 - 298.
وقال الحافظ العراقي: ((وكل مَنْ أودع حديث أُبَيٍّ - المذكور - تفسيره، كالواحدي، والثَّعْلبي والزمخشري مخطئ في ذلك؛ لكن مَنْ أبرز إسناده منهم، كالثعلبي، والواحدي فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده، وإن كان لا يجوز له السكوت عليه من غير بيانه، كما تقدّم. وأما مَنْ لم يُبْرِزْ سنَده، وأورده بصيغة الجزم فخطؤُه أفحش، كالزمخشري)). شرح التبصرة والتذكرة 1/ 424.
وقال العلاَّمة ابن الجوزي في موضوعاته 1/ 240: ((وقد فرّق هذا الحديث أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره فذكر عند كل سورة منه ما يخصها، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك ولا أعجب منهما؛ لأنهما ليسا من أصحاب الحديث، وإنما عجبت من أبي بكر بن أبي داود كيف فرقه على كتابه الذي صنّفه في فضائل القرآن، وهو يعلم أنه حديث محال، ولكن شره جمهور المحدّثين، فإن من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل، وهذا قبيح منهم؛ لأنه قد صحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَن حدّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)) ... )).
اسم الکتاب : مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث - ت فحل المؤلف : ابن الصلاح    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست