responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 401
إنما ينشأ الاعتراض من سوء استعمال هذه القيود لأنها ـ والحالة هذه ـ سوف توصد أبوابًا يجب أن تفتح، وتضيق حُدُودًا يجب أن تنفسح، وتحظر حركات يجب أن تأخذ مداها دون حرج.

وأكثر الظلم الذي وقع على السُنَّةِ أصابها من أن حديثًا من الأحاديث قدر له أن يعمل في نطاق معين، فجاء بعض القاصرين وحرفه عن موضعه بالتعميم والاطلاق. انتهى [17].

ان الشيخ الغزالي ـ حفظه الله ـ لم ينكر مصدرية السُنَّةِ للتشريع وللتربية والدعوة يَوْمًا مَا، وما كان له أن ينكر، بل دافع عنها، وذاد عن حماها.

«وإنما ينكر أن تتناولها الأذهان الكليلة، فترد نهارها لَيْلاً، كما ينكر أن يقل شغل الأمة بالقرآن الكريم، فتذهل بذلك عن الأصل الركين، والعماد المتين.
أما أن تتجه الهمم إلى كتاب الله، وتستعين على فهمه وإبلاغ هداياته وإنقاذ أحكامه بأحاديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذلك هو المنهج السديد».

تَعْلِيقٌ عَلَى أَحَادِيثِ الفِتَنِ:
انظر إلى تعليقه على (أحاديث الفتن) وما وقع فيها من سوء الفهم، حتى غدت من أسباب تقاعس المسلمين عن نصرة دينهم، والعمل لنهضة أمتهم، واصلاح أحوالها، لما يوحي به سرد هذه الأحاديث أن الإسلام أبدًا في إدبار، وان الكفر في إقبال، وأن الخير منهزم، والشر منتصر، وأن لا جدوى من محاولات الترميم والاصلاح، فنحن في آخر الزمان.
وشيوع هذا الفهم السقيم خطر على كيان الأمة وعلى وجودها، وهو ضد سنن الكون، وضد الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الأخرى، وكيف يقبل هذا في دين يأمر بالعمل للدنيا إلى آخر رمق فيها، «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا» [18].

فكيف يوئس الرسول الكريم أمته من العمل لدينهم، وهو يهيب بهم أن يعملوا لدنياهم إلى آخر لحظة؟! هذا مستحيل.

[17] من كتاب " ليس من الإسلام ": ص 29 - 43.
[18] رواه عن أنس أحمد (3/ 183، 184) والبخاري في " الأدب المفرد " (479) والطيالسي (2068) والبزار مختصرًا، وقال الهيثمي: ورجاله ثقات أثبات. " مجمع الزوائد ": (4/ 63)، وانظر " سلسلة الأحاديث الصحيحة " للألباني، حديث رقم 6.
اسم الکتاب : موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست