responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة المؤلف : المحمدي، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 20
جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء؟ فإنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" إنّ الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ". فقال ابن عباس رضي الله عنهما قد كان عمر - رضي الله عنه - يقول بعض ذلك ثم حدث قال صدرت مع عمر - رضي الله عنه - من مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو بركب تحت ظل سمرة فقال أذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ قال فنظرت فإذا صهيب فأخبرته فقال: ادعه لي فرجعت إلى صهيب، فقلت: أرتحل فالحق أمير المؤمنين فلما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول وا أخاه وا صاحباه. فقال عمر - رضي الله عنه -: يا صهيب أتبكي عليَّ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" إنّ الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ". قال ابن عباس رضي الله عنهما فلما مات عمر - رضي الله عنه - ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها فقالت: رحم الله عمر والله ما حدّث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنّ الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنّ الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه".وقالت حسبكم القرآن {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [1] قال ابن عباس رضي الله عنهما عند ذلك: والله هو أضحك وأبكى" [2].
قال الحافظ:" وهذه التأويلات عن عائشة متخالفة، وفيه إشعار بأنها لم ترد الحديث بحديث آخر بل بما استشعرته من معارضة القرآن" [3].
قال القرطبي:" قال علماؤنا: وإنما حملها على ذلك أنها لم تسمعه، وأنه معارض للآية. ولا وجه لإنكارها، فإن الرواة لهذا المعنى كثير، كعمر وابنه والمغيرة بن شعبة وقيلة بنت مخرمة، وهم جازمون بالرواية، فلا وجه لتخطئتهم. ولا معارضة بين الآية والحديث، فإن الحديث محمله على ما إذا كان النوح من وصية الميت وسنته، كما كانت الجاهلية تفعل" [4].
وقد وقع خلاف في الحديث بشكل كبير، بعضهم ذهب إلى مذهب السيدة عائشة رضي الله عنها، وبعض ذهب المذهب الآخر، وبعضهم وفّق بينهما كما فعل الإمام البخاري إذ بوب في صحيحه (باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه ". إذا كان النوح من سنته) [5].

[1] هذه جزء من آية وردت في سورة: الانعام /164والإسراء/ 15،وفاطر/18والزمر/7.
[2] أخرجه البخاري، الجامع الصحيح (1226) و (1228) و (1230)، ومسلم، المسند الصحيح 2/ 641 (927و928و929) وغيرهما.
[3] ابن حجر، فتح الباري 3/ 154.
[4] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 10/ 231.
[5] البخاري، الجامع الصحيح1/ 430 باب 32، وينظر: ابن حجر، فتح الباري 3/ 154.
اسم الکتاب : الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة المؤلف : المحمدي، عبد القادر    الجزء : 1  صفحة : 20
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست