اسم الکتاب : الميسر في علم تخريج الحديث النبوي المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 2
المقدمة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فقد طلب مني بعض الأخوة الأفاضل أن أكتب محاضرات في مادة علم تخريج الحديث النبوي، لطلاب قسم الحديث في الجامعة الإسلامية ببغداد، فعقدت العزم بعد التوكل على الله تعالى وشرعت بكتابة محاضرات فيها بعبارة سهلة تيسر على الطالب الاستفادة منها عملياً إن شاء الله تعالى، إذ الغالب في البحوث التي تعرضت لهذا العنوان غلبت عليها الدراسة الوصفية النظرية، فأردت في هذه العجالة تيسير عرضه على الطلبة ولا سيما بعد ضعف الهمة في طلب العلم وقصور الطالبين على المختصرات حتى بلغ ببعض من تخصص في الحديث في الدراسات العليا أن يكتفي في دراسة الإسناد بعزو الحديث إلى مصدر أو مصدرين ويسميه تخريجاً!
ومما دفعني أكثر إلى كتابة هذا البحث ما رأيت من بعض المشتغلين -اليوم- بالحديث النبوي وتحقيقه من تخبط في تخريج الحديث أو قصور فيه، ومنهم من يظن أنّ الحكم على الإسناد هو عملية رياضية ([1]+[1]=[2])، فيعمد إلى تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني ثم يدرس رجال الإسناد: فإن كانوا ثقاتاً قال: صحيح، وإن كانوا صدوقين أو فيهم صدوق قال: حسن، وإن كان فيه ضعيف قال ضعيف! من دون الرجوع إلى دواوين العلل والرجال، وهذا غلط محض، وقد صُحِّحتْ عشرات بل مئات الأحاديث بناءً على هذه الطريقة، ولو فتشت عن هذه الأحاديث بتأنٍّ في كتب العلل لوجدتها هناك ولا أرى يخلص منها إلا مثل همل النعم.
وإن تعجب فعجب من أولئك الذين يُخطِّئون أئمة النقد الجهابذة، ويردون كلامهم وأحكامهم بفهم معوج لقواعد مصطلح الحديث، أو يحاكمونهم على وفق قواعد المتأخرين! وكم من مرة تقرأ مثل ذلك هنا أو هناك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأردت في هذا البحث -المتواضع- إرشاد طلبتنا الأعزاء والأخوة الباحثين بأيسر العبارة، دون غوص في تفرعات الموضوع، كما وجدته في كثيرٍ من البحوث التي تحدثت عن التخريج
قال الخطيب:" وإن لم يكن الراوي من أهل المعرفة بالحديث وعلله واختلاف وجوهه وطرقه وغير ذلك من أنواع علومه فينبغي له أن يستعين ببعض حفاظ وقته في تخريج الأحاديث التي يريد إملاءها قبل يوم مجلسه فقد كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك فمنهم أبو الحسين بن بشران كان محمد بن أبي الفوارس يخرج له الإملاء ... " [1].
وفي هذا يقول الحافظ السخاوي: "التخريج: إخراج المحدث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيخات والكتب ونحوها وسياقها من مرويات نفسه، أو بعض شيوخه أو أقرانه، أو نحو ذلك، والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين مع بيان البدل والموافقة ونحوهما مما سيأتي تعريفه. وقد يتوسع في إطلاقه على مجرد الإخراج، والتصنيف، والعزو وجعل كل صنف على حده" [2].
وأما عند المعاصرين فعرفه الغماري:"عزو الأحاديث التي تذكر في المصنفات مطلقة غير مسندة ولا معزوة إلى كتاب أو كتب مسندة، إما مع الكلام عليها تصحيحاً وتضعيفاً وداً وقبولاً وبيان ما فيها من علل، وإما بالاقتصار على العزو إلى الأصول" [3].
وعرفه الدكتور محمد أبو شهبة:" عزو الأحاديث إلى من ذكرها في كتابه من الأئمة وبيان درجتها من الصحة أو الحسن أو الضعف" [4].
وعرفه الدكتور محمود الطحان فقال:" هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته مع بيان درجته صحة أو ضعفاً عند الحاجة إلى ذلك" [5]. [1] الجامع لأخلاق الراوي 2/ 88. [2] فتح المغيث 2/ 372. [3] حصول التفريج بأصول التخريج ص21. [4] حاشية كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ص 353. [5] أصول التخريج ودراسة الأسانيد ص 10.
اسم الکتاب : الميسر في علم تخريج الحديث النبوي المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 2