اسم الکتاب : الوجيز النفيس في معرفة التدليس المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 17
وقال الحافظ العلائي:"والصحيح الذي عليه جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرح فيه بالسماع، دون ما رواه بلفظ محتمل، لأن جماعة من الأئمة الكبار دلسوا، وقد اتفق الناس على الاحتجاج بهم ولم يقدح التدليس فيهم كقتادة، والأعمش، والسفيانين الثوري، وابن عيينة، وهشيم بن بشير، وخلق كثير. وأيضا فإن التدليس ليس كذبا صريحا بل هو ضرب من الإيهام بلفظ محتمل، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته، وليست تلك العورة بكذب فيرد حديثه ولا على النصيحة في الصدق فيقبل منه ما قبلناه من أهل الصدق، فلذلك قلنا إنه لا يقبل من المدلس حديث حتى يقول: حدثنا وسمعت؛ هذا لفظه. والذي ينبغي أن ينزل قول من جعل التدليس مقتضيا لجرح فاعله على من أكثر التدليس عن الضعفاء وأسقط ذكرهم تغطية لحالهم، وكذلك من دلس اسم الضعيف حتى لا يعرف، ولهذا ترك جماعة من الأئمة كأبي حاتم الرازي وابن خزيمة وغيرهما الاحتجاج ببقية مطلقا. قال ابن حبان: سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة، ثم سمع من أقوام كذابين عن مالك وشعبة فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء. ولا شك في أن مثل هذا مقتض للجرح لكن الذي استقر عليه عمل الأكثرين الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة بلفظ صريح في السماع وبهذا أجاب علي بن المديني ويحيى ابن معين وغيرهما". [1] قلت: وهو الذي ذهب إليه جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول، كما مر [2]. أما ما كان في الصحيحين من رواية المدلسين بصيغة العنعنة، فهو محمول على ثبوت السماع عندهم فيه من جهة أخرى كما نص على ذلك الإمام النووي وغيره [3].وتوسع الصنعاني أيما توسع وأجاد، فلينظر [4]. ... وقال العلامة المعلمي في بيان كون التدليس جرحاً لصاحبه أم لا؟: (ذكر أبو رية ما حكي عن شعبة في ذم التدليس وقال: "ومن الحفاظ من جرح من عرف بهذا التدليس من الرواة، فرد روايته مطلقاً وإن أتى بلفظ الاتصال"،أقول-والقائل المعلمي-: بعد أن استحكم العرف الذي مر [1] جامع التحصيل ص98 - 101،وينظر شرح الفية الحديث، العراقي ص80. [2] ينظر للمزيد مقدمة ابن الصلاح ص67،واختصار علوم الحديث بشرحه الباعث الحثيث، ابن كثير ص 46،وشرح الألفية، للعراقي ص80،وفتح المغيث، السخاوي 1/ 175،وتدريب الراوي، السيوطي 1/ 329،وتوضيح الأفكار، الصنعاني 1/ 352. [3] تقريب النواوي بشرحه تدريب الراوي 1/ 230. [4] توضيح الأفكار 1/ 353 - 366.
اسم الکتاب : الوجيز النفيس في معرفة التدليس المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 17