درجات العلم من حيث الانتفاع به وفضله
وقد جاء هذا الحديث بروايات وطرق كثيرة.
يقول صلى الله عليه وسلم: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير).
والغيث هو المطر، فالنبي صلى الله عليه وسلم يشبّه ويمثّل العلم بالمطر، أي: بغزارته ونفعه للناس.
(مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً)، أي: نزل هذا المطر بأرض، (فكانت منها بقعة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب)، يعني: كانت هذه الأرض التي أصابها الماء والمطر صالحة استفادت من الماء، وأنبتت ما فيها من العشب والكلأ وغير ذلك.
(وكانت منها بقعة أمسكت الماء)، أي: هي صالحة تمسك الماء في بطنها.
(فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا).
فالأرض لم تكن سيئة، فقد ابتلعت الماء كله وحفظته في بطنها فانتفع به الناس.
(وكانت منها طائفة لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ).
فالعلم على ثلاث درجات: علم ينفع الله به صاحبه فقط، وعلم ينفع الله تعالى به صاحبه وينفع به الناس، وعلم لا ينتفع به صاحبه وإن كان الناس ينتفعون به.
فأما العلم الذي ينتفع به صاحبه فهو العلم الذي تعلمه ثم عمل به.
وأما الذي ينتفع به صاحبه وينتفع به الناس فهو العلم الذي يعمل به ويعلمه الناس فيعملون به.
وأما العلم الذي ينفع الناس ولا ينفع صاحبه فهو العلم الذي لا يعمل به صاحبه، ولكنه يعلمه الناس فينتفعون به.
(وذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل وعلم الناس، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به).