ظهور الأحاديث المرسلة وسببها
ثم ظهرت مشكلة الأحاديث المرسلة، فقد كان كثير من علماء القرن الأول الهجري الذين يروون الأخبار والآثار يرفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كـ سعيد بن المسيب وقيس بن أبي حازم وغيرهما من كبار التابعين، فيقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن يحددوا الصحابي أو التابعي الذي رووا عنه هذا الحديث؛ لأنه لم يكن هناك حاجة إلى ذكر الإسناد، ولا إلى ذكر من سمع منه ذلك الرجل، فلما شدد العلماء في الرواية لظهور الفتن ظهرت هذه المشكلة، ولذلك نجد معظم المراسيل عند كبار التابعين؛ لأنه لم يكن يشترط في الرواية ذكر السند في ذلك الوقت، ولذلك هناك أحاديث كثيرة عند كبار التابعين لم يُعرف لها اتصال سند.
قال: عن ابن سيرين رحمه الله: لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم -أي: حتى يعرف من هو من أهل البدع ومن هو من أهل السنة- فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.
فكانت بداية التحرز والنقد وضبط الأسانيد بظهور الفتن.