اسم الکتاب : شرح اختصار علوم الحديث المؤلف : اللاحم، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 294
وذكر ابن كثير بعد ذلك: إذا الشيخ منع التلميذ من الرواية، حدثه بشيء لكن قال له: لا تروه عني، يقول: هذا لا يلتفت له مادام سمع التلميذ، ولاسيما إذا كان.. "ولم يبد مستندا سوى المنع اليابس" ما هو المنع اليابس؟ يسمونه المنع اليابس، يعني هو في الجملة يعني المبالغة أو العسر في الرواية، وربما أطلقوا على الورع -بعض الورع- أنه ورع يابس، ما معنى ورع يابس حينئذ؟ أنه ليس من الورع المحمود، يعني بعض الورع أحيانا يخرج إلى حد الورع غير المحمود، يعني لا يستطيعه الناس، هذا معنى الورع اليابس.
هذا المنع اليابس الذي يكون تشددا من الشيخ، ويقول: لا يلتفت له، وضرب مثالا على ذلك، بأن النسائي سمع من الحارث بن مسكين خفية، الحارث بن مسكين في قصة له وقعت مع النسائي، كان النسائي مختفيا، ما عرف به الحارث بن مسكين، ولو عرف به.. أو لو كشف أمره ما حدثه، ولكنه في خفية سمع منه، وكان يحدث بهذا السماع، مع أن الحارث بن مسكين لا يرضى أن يروي عنه، لكن هذا يلتفت إليه.
لماذا لا يلتفت لرضاه أو عدم رضاه؟ لأن هذا العلم ليس ملكا له، فما دام قد سمع منه فللتمليذ أن يروي عنه لو لم يرض، ولا إشكال في ذلك؛ لأن هذا ليس ملكا له، العلم ليس ملكا لأحد؛ ولهذا حتى في البحوث والاجتهاد، لماذا يقال للطالب: لا تشدد مثلا مع من خالفك، وتتكلم فيه، وتسبه؟
وربما نحن نشاهد الآن مع الأسف الشديد في بعض المناقشات العلمية تخرج إلى حد المهاترات الشخصية، وهذا يعني قلة فقه؛ لأن العلم ليس ملكا لك.
أنت تتحدث عن أمر للعامة، للناس كلهم، ليس ملكا لأحد هذه القضية، حكم كذا، أو جواز كذا، أو الحديث الفلاني يصح أو لا يصح، هذه أمور علمية، نعم إذا جاء يمس حقك، مالك، فهذا شأن آخر، أما التشاحن والاعتداء في النقاش، والسباب والشتام، يصل إلى أمور في الحقيقة تؤسف بين طلبة العلم، وكلهم ينتسبون إلى العلم.
اسم الکتاب : شرح اختصار علوم الحديث المؤلف : اللاحم، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 294