responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 95
بَاطِلٌ، وَمُتَعَلِّقُهُمْ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى بِالدِّيَةِ مُغَلَّظَةً فِي قَاتِلِ ابْنِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ الْمَسْأَلَةَ مُسَجَّلَةً، وَقَالُوا: لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ، وَأَخَذَهَا مَالِكٌ مُحْكَمَةً مُفَصَّلَةً، فَقَالَ: إنَّهُ لَوْ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ، وَهَذِهِ حَالَةٌ مُحْتَمَلَةٌ لِقَصْدِ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ، وَشَفَقَةُ الْأُبُوَّةِ شُبْهَةٌ مُنْتَصِبَةٌ شَاهِدَةٌ بِعَدَمِ الْقَصْدِ [إلَى الْقَتْلِ] تُسْقِطُ الْقَوَدَ، فَإِذَا أَضْجَعَهُ كَشَفَ الْغِطَاءَ عَنْ قَصْدِهِ فَالْتَحَقَ بِأَصْلِهِ.

[مَسْأَلَةٌ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ [قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]: احْتَجَّ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي قَوْلِهِ: لَا تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِي الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةَ، وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ، لَا سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] الْجَوَابُ: أَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَاعِدَةِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ، وَلَوْ عَلِمَ الْجَمَاعَةُ أَنَّهُمْ إذَا قَتَلُوا وَاحِدًا لَمْ يُقْتَلُوا لَتَعَاوَنَ الْأَعْدَاءُ عَلَى قَتْلِ أَعْدَائِهِمْ بِالِاشْتِرَاكِ فِي قَتْلِهِمْ، وَبَلَغُوا الْأَمَلَ مِنْ التَّشَفِّي مِنْهُمْ.
جَوَابٌ آخَرُ: وَذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِصَاصِ قَتْلُ مَنْ قَتَلَ، كَائِنًا مَنْ كَانَ، رَدًّا عَلَى الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَ بِمَنْ قَتَلَ مِنْ لَمْ يَقْتُلْ، وَتَقْتُلَ فِي مُقَابَلَةِ الْوَاحِدِ مِائَةً افْتِخَارًا، وَاسْتِظْهَارًا بِالْجَاهِ وَالْمَقْدِرَةِ؛ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُسَاوَاةِ وَالْعَدْلِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقْتَلَ مَنْ قَتَلَ.
جَوَابٌ ثَالِثٌ: أَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] فَالْمَقْصُودُ هُنَاكَ بَيَانًا لِلْمُقَابَلَةِ فِي الِاسْتِيفَاءِ أَنَّ النَّفْسَ تُؤْخَذُ بِالنَّفْسِ، وَالْأَطْرَافَ بِالْأَطْرَافِ، رَدًّا عَلَى مَنْ تَبْلُغُ بِهِ الْحَمِيَّةُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ نَفْسَ جَانٍ عَنْ طَرْفِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ، وَالشَّرِيعَةُ تُبْطِلُ الْحَمِيَّةَ وَتَعْضُدُ الْحِمَايَةَ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست