responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 604
قَالَ الْقَاضِي: وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا قَبَلهَا حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، وَقَدْ أَتَيْنَا فِيهِ بِالْعَجَبِ فِي الْمَحْصُولِ، وَهُوَ عِنْدِي لَا يَلْحَقُ إلَّا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى حَمْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا هِيَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ شَخْصًا عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ؛ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُخَلِّصَ آخَرَ لَهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا هِيَ زَجْرٌ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ وَتُقَاةٍ لِلْحَذَرِ، وَحَمْلٌ عَلَى التَّثَبُّتِ عِنْدَ الرَّمْيِ؛ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا.
وَنُحَرِّرُ هَذَا قِيَاسًا فَنَقُولُ: كُلُّ كَافِرٍ لَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ [كَالْمُسْتَأْمَنِ وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِ]، وَلَا عُذْرَ لَهُمْ عَنْهُ بِهِ احْتِفَالٌ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ هُوَ الْمُؤْمِنُ، فَمَنْ قَتَلَ كَافِرًا خَطَأً، وَلَهُ عَهْدٌ فَفِيهِ الدِّيَةُ إجْمَاعًا. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَصْلٌ بَدِيعٌ فِي رَفْعِ الدِّمَاءِ. وَنَحْنُ نُمَهِّدُ فِيهِ قَاعِدَةً قَوِيَّةً فَنَقُولُ: مَبْنَى الدِّيَاتِ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّفَاضُلِ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّفَاوُتِ فِي الْمَرْتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَفَاوَتُ بِالصِّفَاتِ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ لَمَّا شُرِعَ زَجْرًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ ذَلِكَ التَّفَاوُتُ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا نَظَرْنَا إلَى الدِّيَةِ فَوَجَدْنَا الْأُنْثَى تَنْقُصُ فِيهِ عَنْ الذَّكَرِ؛ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْكَافِرِ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يُسَاوِيهِ فِي دِيَتِهِ. وَزَادَ الشَّافِعِيُّ نَظَرًا، فَقَالَ: إنَّ الْأُنْثَى الْمُسْلِمَةَ فَوْقَ الْكَافِرِ الذَّكَرِ، فَوَجَبَ أَنْ تَنْقُصَ دِيَتُهُ عَنْ دِيَتِهَا، فَتَكُونَ دِيَتُهُ ثُلُثَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 604
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست