responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 597
أَيْ [غَيْرُ] مَا كَانَ فِيهِ، أَوْ أَثَرٌ كُلُّهُ ذَاهِبٌ، إلَّا الْأَوَارِيَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا} [النساء: 92]؛ الْمَعْنَى مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُفَوِّتَ نَفْسَ مُؤْمِنٍ بِكَسْبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ قَصْدِهِ إلَى وَصْفِهِ؛ فَافْهَمْهُ وَرَكِّبْهُ تَجِدْهُ بَدِيعًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَرَادَ بَعْضَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُخْرِجَ هَذَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ؛ وَيَجْعَلَهُ مُتَّصِلًا لِجَهْلِهِ بِاللُّغَةِ وَكَوْنِهِ أَعْجَمِيًّا فِي السَّلَفِ؛ فَقَالَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ. وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ خَطَأً فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَيَا لِلَّهِ، وَيَا لِلْعَالِمِينَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، كَيْفَ يَصِحُّ فِي عَقْلِ عَاقِلٍ أَنْ يَقُولَ: أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ خَطَأً، وَمِنْ شَرْطِ الْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ الْمُكَلَّفُ وَقَصْدُهُ، وَذَلِكَ ضِدُّ الْخَطَأِ، فَالْكَلَامُ لَا يَتَحَصَّلُ مَعْقُولًا. ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ أَنْ يُرَى عَلَيْهِ لِبْسَةُ الْمُشْرِكِينَ وَالِانْحِيَازُ إلَيْهِمْ كَقِصَّةِ حُذَيْفَةَ مَعَ أَبِيهِ يَوْمَ أُحُدٍ. قُلْنَا لَهُ: هَذَا هُوَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ وَقَعَ خِلَافَ الْقَصْدِ، وَهُوَ قَصْدٌ إلَى مُشْرِكٍ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ؛ فَهَذَا لَا يُدْخِلُ تَحْتَ التَّكْلِيفِ أَمْرًا وَلَا نَهْيًا. ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: 92] يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا يُبَاحُ لَهُ إذَا وُجِدَ شَرْطُ الْإِبَاحَةِ، وَشَرْطُ الْإِبَاحَةِ أَنْ يَكُونَ خَطَأً، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ التَّهَافُتِ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ مَا يُغْنِي عَنْ رَدِّهِ. وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقَالَ: شَرْطُ إبَاحَةِ الْقَتْلِ أَنْ لَا يَقْصِدَ، لَاهُمَّ إلَّا أَنَّ كَوْنَ الْمُقَلِّدِ أَلَمَّ بِقَوْلِ الْمُبْتَدِعَةِ: إنَّ الْمَأْمُورَ لَا يُعْلَمُ كَوْنَهُ مَأْمُورًا إلَّا بَعْدَ تَقَضِّي الِامْتِثَالِ وَمُضَائِهِ؛ فَالِاخْتِلَالُ فِي الْمَقَالِ وَاحِدٌ وَالرَّدُّ وَاحِدٌ، فَلْتَلْحَظْهُ فِي أُصُولِهِ الَّتِي صَنَّفَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ؛ ثُمَّ أَبْطَلَ هُوَ هَذَا وَكَانَ فِي غِنًى عَنْ ذِكْرِهِ وَإِبْطَالِهِ. ثُمَّ قَالَ: إنَّ أَقْرَبَ قَوْلٍ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {إِلا خَطَأً} [النساء: 92] اقْتَضَى تَأْثِيمَ قَاتِلِهِ لِاقْتِضَاءِ النَّهْيِ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلا خَطَأً} [النساء: 92] رَفْعٌ لِلتَّأْثِيمِ عَنْ قَاتِلِهِ؛ وَإِنَّمَا

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 597
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست