responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 576
كَانَ لَكَ إبِلٌ فَهَبَطْت بِهَا وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ: إحْدَاهَا خِصْبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ؛ أَلَيْسَ إنْ رَعَيْت الْخِصْبَةَ رَعَيْتهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْت الْجَدْبَةَ رَعَيْتهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، فَضَرَبَ الْمَثَلَ لِنَفْسِهِ بِالرَّعْيِ وَالنَّاسِ بِالْإِبِلِ، وَالْأَرْضِ الْوَبِئَةِ بِالْعُدْوَةِ الْجَدْبَةِ، وَالْأَرْضِ السَّلِيمَةِ بِالْعُدْوَةِ الْخِصْبَةِ، وَلِاخْتِيَارِ السَّلَامَةِ بِاخْتِيَارِ الْخِصْبِ؛ فَأَيْنَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذَا كُلِّهِ؟ أَيُقَالُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا لَمْ يَقُولَا، فَذَلِكَ كُفْرٌ، أَمْ يُقَالُ: دَعْ هَذَا فَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ، فَذَلِكَ كُفْرٌ، وَلَكِنْ تُضْرَبُ الْأَمْثَالِ وَيُطْلَبُ الْمِثَالُ حَتَّى يَخْرُجَ الصَّوَابُ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَصْحَابُهُ حِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا مَوْضِعَ بَرَاءَةٍ، وَإِنَّ قِصَّتَهَا لَتُشْبِهُ قِصَّةَ الْأَنْفَالِ، فَنَرَى أَنْ نَكْتُبَهَا مَعَهَا وَلَا نَكْتُبُ بَيْنَهَا سَطْرَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]. فَأَثْبَتُوا مَوْضِعَ الْقُرْآنِ بِقِيَاسِ الشَّبَهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: نَرَى أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]. وَقَالَ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]. فَإِذَا فَصَلْتَهُمَا مِنْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا بَقِيَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَوْمُ الْجُنُبِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] فَيَقَعُ الِاغْتِسَالُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَقَدْ انْعَقَدَ جُزْءٌ مِنْ الصَّوْمِ وَهُوَ فَاتِحَتُهُ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَلَوْ سَرَدْنَا نَبْطَ الصَّحَابَةِ لَتَبَيَّنَ خَطَأُ الْجَهَالَةِ، وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ لِلْعُلَمَاءِ؛ فَإِنْ عَارَضَكُمْ السُّفَهَاءُ فَالْعَجَلَةُ الْعَجَلَةُ إلَى كِتَابِ نَوَاهِي الدَّوَاهِي، فَفِيهِ الشِّفَاءُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 576
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست