responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 574
وَابْنُ مَسْلَمَةَ: سَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ: هُمْ الْعُلَمَاءُ.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَارٍ، وَقَفْت عَلَى مَالِكٍ فَقُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؛ مَا تَرَى فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]؟ قَالَ: وَكَانَ مُحْتَبِيًا فَحَلَّ حَبْوَتَهُ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فِي وَجْهِي، وَعَلِمْت مَا أَرَادَ، وَإِنَّمَا عَنَى أَهْلَ الْعِلْمِ؛ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي» الْحَدِيثَ.
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُمْ الْأُمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ جَمِيعًا، أَمَّا الْأُمَرَاءُ فَلِأَنَّ أَصْلَ الْأَمْرِ مِنْهُمْ وَالْحُكْمَ إلَيْهِمْ. وَأَمَّا الْعُلَمَاءُ فَلِأَنَّ سُؤَالَهُمْ وَاجِبٌ مُتَعَيِّنٌ عَلَى الْخَلْقِ، وَجَوَابُهُمْ لَازِمٌ، وَامْتِثَالُ فَتْوَاهُمْ وَاجِبٌ، يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ حَاكِمٌ، وَقَدْ سَمَّاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ فَقَالَ: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} [المائدة: 44]. فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاكِمٌ [وَالرَّبَّانِيَّ حَاكِمٌ]، وَالْحَبْرَ حَاكِمٌ، وَالْأَمْرُ كُلُّهُ يَرْجِعُ إلَى الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ أَفْضَى إلَى الْجُهَّالِ، وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ سُؤَالُ الْعُلَمَاءِ؛ وَلِذَلِكَ نَظَرَ مَالِكٌ إلَى خَالِدِ بْنِ نَزَارٍ نَظْرَةً مُنْكَرَةً، كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا إلَى أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ وَقَفَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعُلَمَاءِ، وَزَالَ عَنْ الْأُمَرَاءِ لِجَهْلِهِمْ وَاعْتِدَائِهِمْ، وَالْعَادِلُ مِنْهُمْ مُفْتَقِرٌ إلَى الْعَالَمِ كَافْتِقَارِ الْجَاهِلِ.

[مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: رُدُّوهُ إلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ تَجِدُوهُ فَإِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَكَمَا قَالَ عَلِيٌّ: مَا عِنْدَنَا إلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، أَوْ فَهْمٌ أُوتِيهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، وَكَمَا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ: بِمَ تَحْكُمُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ. قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَلَا آلُو. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ».

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 574
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست