responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 561
إيَّاهُ وَهُوَ يَعْجِزُ عَنْ تَنَاوُلِهِ، وَمُطْلَقُ اللَّفْظِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِكُلِّ مَرِيضٍ إذَا خَافَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَتَأَذِّيهِ بِالْمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْمَرِيضِ إذَا خَافَ التَّلَفَ؛ وَنَظَرَ إلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ، لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ وَقَدْ لَا تَكُونُ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ الْمُتَيَقَّنِ لِلْخَوْفِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ.
قُلْنَا: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ؛ فَلَيْسَ لَكَ فِي هَذَا الْقَوْلِ أَصْلٌ تَرُدُّ إلَيْهِ كَلَامَكَ؛ بَلْ قَدْ نَاقَضْت؛ فَإِنَّكَ قُلْت: إذَا خَافَ التَّلَفَ مِنْ الْبَرْدِ يَتَيَمَّمُ، فَكَمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ خَوْفُ التَّلَفِ كَذَلِكَ يُبِيحُهُ لَهُ خَوْفُ الْمَرَضِ؛ فَإِنَّ الْمَرَضَ مَحْذُورٌ، كَمَا أَنَّ التَّلَفَ مَحْذُورٌ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ: إذَا خَافَ الْمَرِيضُ مِنْ الْبَرْدِ يَتَيَمَّمُ فَكَيْفَ بِزِيَادَةِ الْمَرَضِ.،
وَقَدْ رَوَى «جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فِي رَأْسِهِ فَشَجَّهُ ثُمَّ احْتَلَمَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ؛ فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمْ اللَّهُ. أَلَا سَأَلُوا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ؛ إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ». خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَعَجَبًا لِلشَّافِعِيِّ يَقُولُ: لَوْ زَادَ الْمَاءُ عَلَى قِيمَتِهِ حَبَّةً لَمْ يَلْزَمْ شِرَاؤُهُ صِيَانَةً لِلْمَالِ؛ وَيَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ، وَهُوَ يَخَافُ عَلَى بَدَنِهِ الْمَرَضَ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ كَلَامٌ يُسَاوِي سَمَاعَهُ.

[مَسْأَلَة سَبَب نُزُول قَوْله تَعَالَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43]: رُوِيَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَابَتْهُمْ جِرَاحَةٌ فَفَشَتْ فِيهِمْ، ثُمَّ اُبْتُلُوا بِالْجَنَابَةِ فَشَكَوْا ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. «وَقَالَتْ عَائِشَةُ: كُنْت فِي مَسِيرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إذَا كُنْت بِذَاتِ الْجَيْشِ ضَلَّ عِقْدٌ لِي» الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ. قَالَ: فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَهِيَ مُعْضِلَةٌ مَا

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 561
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست