responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 557
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ مَا قُلْتُمْ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِضْمَارِ الْكَثِيرِ. قُلْنَا: إنَّمَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ فِي تَفْهِيمِ مَنْ لَا يَفْهَمُ مَثَلُكَ، وَأَمَّا مَعَ مَنْ يَفْهَمُ فَالْحَالُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا كَمَا أَعْرَبَتْ الصَّحَابَةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]. فَلَيْسَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا إلَّا جَوَازُ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ؛ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَعَ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ يُفْهَمُ إلَّا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ قَبْلَهُ؛ وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ جِدًّا.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ثَبَتَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُصِيبُهُمْ الْجَنَابَةُ فَيَتَوَضَّئُونَ، وَيَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيَتَحَدَّثُونَ فِيهِ»، وَرُبَّمَا اغْتَرَّ بِهَذَا جَاهِلٌ فَظَنَّ أَنَّ اللُّبْثَ لِلْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ جَائِزٌ. وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ وُضِعَ لِلْعِبَادَةِ وَأُكْرِمَ عَنْ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ كَيْفَ يَدْخُلُهُ مَنْ لَا يَرْضَى لِتِلْكَ الْعِبَادَةِ، ولَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِهَا؟ فَإِنْ قِيلَ: يَبْطُلُ بِالْحَدَثِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ فِعْلُ الصَّلَاةِ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ. قُلْنَا: ذَلِكَ يَكْثُرُ وُقُوعُهُ ` فَيَشُقُّ الْوُضُوءُ لَهُ، وَالشَّرِيعَةُ لَا حَرَجَ فِيهَا، بِخِلَافِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَغْتَسِلَ، لِأَنَّهَا تَقَعُ نَادِرًا بِالْإِضَافَةِ إلَى حَدَثِ الْوُضُوءِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا قِيَاسٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ؛ هُوَ قِيَاسٌ؛ وَنَحْنُ إنَّمَا نَتَكَلَّمُ مَعَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ يَرَوْنَهُ دَلِيلًا؛ فَإِنْ وَجَدْنَا مُبْتَدِعًا يُنْكِرُهُ أَخَذْنَا مَعَهُ غَيْرَ هَذَا الْمَسْلَكِ كَمَا قَدْ رَأَيْتُمُونَا مِرَارًا نَفْعَلُهُ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 557
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست