responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 553
أَيْ حُبِسَتْ عَنْ تَصَرُّفِهَا الْمُعْتَادِ لَهَا، وَمِنْهُ سُكْرُ الْأَنْهَارِ؛ وَهُوَ مَحْبِسُ مَائِهَا، فَكُلُّ مَا حَبَسَ الْعَقْلَ عَنْ التَّصَرُّفِ فَهُوَ سُكْرٌ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْخَمْرِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ النَّوْمِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْفَرَحِ وَالْجَزَعِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا السُّكْرِ سُكْرُ الْخَمْرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ إبَّانَ كَانَتْ الْخَمْرُ حَلَالًا، خَلَا الضَّحَّاكِ فَإِنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ سُكَارَى مِنْ النَّوْمِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ سُكْرِ الْخَمْرِ نَهْيٌ عَنْ سُكْرِ النَّوْمِ فَقَدْ أَصَابَ، وَلَا مَعْنَى لَهُ سِوَاهُ؛ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ»: دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ كُلِّ قَضَاءٍ فِي حَالِ شُغْلِ الْبَالِ بِنَوْمٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ حَقْنٍ أَوْ حَزْقٍ، فَلَا يَفْهَمُ مَعَهُ كَلَامَ الْخُصُومِ، كَمَا لَا يَعْلَمُ مَا يَقْرَأُ، وَلَا يَعْقِلُ فِي الصَّلَاةِ إذَا دَافَعَهُ الْأَخْبَثَانِ، أَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ: فَبَيَّنَ الْعِلَّةَ فِي النَّهْيِ، فَحَيْثُمَا وُجِدَتْ، بِأَيِّ سَبَبٍ وُجِدَتْ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ، وَقَدْ أَغْنَى هَذَا اللَّفْظُ عَنْ عِلْمِ سَبَبِ الْآيَةِ، لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ نَائِمٌ؛ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ، فَيَسُبُّ نَفْسَهُ»، فَهَذَا أَيْضًا مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، وَالْحَقُّ يَعْضُدُ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَإِنْ قِيلَ، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: وَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْدِيرُ هَذَا النَّفْيِ؟ أَتَقُولُونَ: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ السُّكْرُ؟ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ نَائِمٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ»؛ فَهَذَا أَيْضًا الَّذِي لَا يُعْقَلُ مَعَهُ مَعْنًى، وَكَيْفَ يَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا خِطَابٌ؟

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 553
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست