responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 534
ابْتَكَرَ بِالْمَرْأَةِ تَزَوَّجَهَا فِي الْجَنَّةِ.
فَرَأَى الرَّبْطَ وَالْعَقْدَ مَعَ احْتِمَالِ اللَّفْظِ مَعَ فِعْلِ الزُّبَيْرَ، فَأَقْدَمَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ لِذَلِكَ. وَعَجَبًا لَهُ مَعَ تَبَحُّرِهِ فِي الْعُلُومِ وَفِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَيْفَ بَعُدَ عَلَيْهِ صَوَابُ الْقَوْلِ، وَحَادَ عَنْ سَدَادِ النَّظَرِ؛ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِنْ أَخْذِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ الْمُفْضِيَةِ بِسَالِكِهَا إلَى السَّدَادِ؛ فَنَظَرْنَا فِي مَوَارِدِ " هـ ج ر " فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى هَذَا النِّظَامِ فَوَجَدْنَاهَا سَبْعَةً: ضِدَّ الْوَصْلِ. مَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْقَوْلِ. مُجَانَبَةُ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ الْهَجْرَةُ. هَذَيَانُ الْمَرِيضِ. انْتِصَافُ النَّهَارِ. الشَّابُّ الْحَسَنِ. الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ فِي حِقْوِ الْبَعِيرِ ثُمَّ يُشَدُّ فِي أَحَدِ رُسْغَيْهِ. وَنَظَرْنَا فِي هَذِهِ الْمَوَارِدِ فَأَلْفَيْنَاهَا تَدُورُ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْبَعْدُ عَنْ الشَّيْءِ فَالْهَجْرُ قَدْ بَعُدَ عَنْ الْوَصْلِ الَّذِي يَنْبَغِي مِنْ الْأُلْفَةِ وَجَمِيلِ الصُّحْبَةِ، وَمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْقَوْلِ قَدْ بَعُدَ عَنْ الصَّوَابِ، وَمُجَانَبَةُ الشَّيْءِ بُعْدٌ مِنْهُ وَأَخْذٌ فِي جَانِبٍ آخَرَ عَنْهُ، وَهَذَيَانُ الْمَرِيضِ قَدْ بَعُدَ عَنْ نِظَامِ الْكَلَامِ، وَانْتِصَافُ النَّهَارِ قَدْ بَعُدَ عَنْ طَرَفَيْهِ الْمَحْمُودَيْنِ فِي اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَإِمْكَانِ التَّصَرُّفِ. وَالشَّابُّ الْحَسَنُ قَدْ بَعُدَ عَنْ الْعَابِ، وَالْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْبَعِيرُ قَدْ أَبْعَدَهُ عَنْ اسْتِرْسَالِهِ فِي تَصَرُّفِهِ وَاسْتِرْسَالِ مَا رُبِطَ عَنْ تَقَلْقُلِهِ وَتَحَرُّكِهِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، وَكَانَ مَرْجِعُ الْجَمِيعِ إلَى الْبُعْدِ فَمَعْنَى الْآيَةِ: أَبَعِدُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ. وَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَالَمُ، وَهُوَ لَا يَنْبَغِي لِمِثْلِ السُّدِّيِّ وَالْكَلْبِيِّ فَكَيْفَ أَنْ يَخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ، فَاَلَّذِي قَالَ: يُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ جَعَلَ الْمَضْجَعَ ظَرْفًا لِلْهَجْرِ، وَأَخَذَ الْقَوْلَ عَلَى أَظْهَرْ الظَّاهِرِ، وَهُوَ حَبْرُ الْأُمَّةِ، وَهُوَ حَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى الْأَقَلِّ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ الْأُصُولِ. وَاَلَّذِي قَالَ يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ حَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى الْأَكْثَرِ الْمُوفِي، فَقَالَ: لَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يُضَاجِعُهَا، وَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ كَمَا يَقُولُ: اُهْجُرْهُ فِي اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ أَصْلُ مَالِكٍ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ فَكَانَ يُغَاضِبُ بَعْضَهُنَّ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَتُهَا يَفْرِشُ فِي حُجْرَتِهَا وَتَبِيتُ هِيَ فِي بَيْتِهَا

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 534
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست