responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 522
فَالزِّيَادَةُ أَبَدًا تَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْمُحْتَاجِ؛ إنْ احْتَاجَ الْبَائِعُ أَعْطَى زَائِدًا عَلَى الثَّمَنِ مِنْ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ الْمُشْتَرِي أَعْطَى زَائِدًا مِنْ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ يَكُونُ يَسِيرًا فِي الْغَالِبِ، فَإِنْ كَانَ الرِّبْحُ مُتَفَاوِتًا فَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ؛ فَأَجَازَهُ جَمِيعُهُمْ، وَرَدَّهُ مَالِكٌ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ إذَا كَانَ الْمَغْبُونُ لَا بَصَرَ لَهُ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ، وَلِذَا جَوَّزَهُ فَرَاعَى أَنَّ الْمَغْبُونَ مُفْرِطٌ؛ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ وَيُشَاوِرَ مَنْ يَعْلَمُ أَوْ يُوَكِّلَهُ، وَإِذَا رَدَدْنَاهُ فَلِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ؛ إذْ لَيْسَ تَبَرُّعًا وَلَا مُعَاوَضَةً؛ فَإِنَّ الْمُعَاوَضَةَ عِنْدَ النَّاسِ لَا تَخْرُجُ إلَى هَذَا التَّفَاوُتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْخِلَابَةِ، وَالْخِلَابَةُ مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا مَعَ ضَعْفِهَا كَالْغِلَابَةِ وَهُوَ الْغَصْبُ، مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا مَعَ قُوَّتِهَا، وَتَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». أَلَا تَرَى أَنَّ تَلَقِّيَ الرَّكْبَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخِيَارُ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ، فَلْنَجْمَعْ الْكَلَامَ عَلَى الْآيَةِ فِيهَا كُلِّهَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا: خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ التَّبَرُّعَاتُ كُلُّهَا، وَإِنَّمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ التِّجَارَةَ وَبَقِيَ غَيْرُهَا عَلَى مُقْتَضَى النَّهْيِ حَتَّى نَسَخَهَا قَوْلُهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا} [النور: 61]؛ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ الْآيَةَ لَمْ تَقْتَضِ تَحْرِيمَ التَّبَرُّعَاتِ؛ وَإِنَّمَا اقْتَضَتْ تَحْرِيمَ الْمُعَاوَضَةِ الْفَاسِدَةِ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]: وَهُوَ حَرْفٌ أُشْكِلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ حَتَّى اضْطَرَبَتْ فِيهِ آرَاؤُهُمْ: قَالَ بَعْضُهُمْ: التَّرَاضِي هُوَ التَّخَايُرُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَتَعَلَّقُوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ»

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 522
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست