responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 484
وَرَأَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ لَا يُحَرِّمُ؛ وَصُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُمَا صَبِيًّا وَالْأُخْرَى صَبِيَّةً، فَيَحْرُمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُمَا أَخَوَانِ لِأَبٍ مِنْ لَبَنٍ؛ فَيَحْرُمَانِ كَمَا يَحْرُمَانِ لَوْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ مِنْ نَسَبٍ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ». وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ نَصٌّ، فَقَدْ تَعَاضَدَا فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِهِ.

[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ؛ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبِنْتِ لَا يُحَرِّمُ الْأُمَّ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا. كَمَا أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا. وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ وَالصَّحَابَةُ: إنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ وَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ حَتَّى يَدْخُلَ بِالْأُمِّ.

وَاخْتَلَفَ النُّحَاةُ فِي الْوَصْفِ فِي قَوْلِهِ: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] فَقِيلَ: يَرْجِعُ إلَى الرَّبَائِبِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى الرَّبَائِبِ خَاصَّةً، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَجَعَلُوا رُجُوعَ الْوَصْفِ إلَى الْمَوْصُوفَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْ الْعَامِلِ مَمْنُوعًا كَالْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنِ. وَجَوَّزَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ، وَرَأَوْا أَنَّ عَامِلَ الْإِضَافَةِ غَيْرُ عَامِلِ الْخَفْضِ بِحَرْفِ الْجَرِّ. وَقَدْ مَهَّدْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ " مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ " وَقَدْ رَدَّ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ الرِّوَايَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ أَنَّهُ مَذْهَبُ عَلِيٍّ خَاصَّةً، كَمَا قَدْ اسْتَقَرَّ الْيَوْمَ فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَقْطَارِ أَنَّ الرَّبَائِبَ وَالْأُمَّهَاتِ فِي هَذَا الْحُكْمِ مُخْتَلِفَاتٌ، وَأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي الرَّبَائِبِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ غَوَامِضِ الْعِلْمِ وَأَخْذُهَا مِنْ طَرِيقِ النَّحْوِ يَضْعُفُ؛ فَإِنَّ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 484
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست