responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 482
{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] كَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يُحْمَلَ عَلَى الْعُمُومِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ كَمَا قَالَ سِيَاقُ الْعُمُومِ، وَكَانَ ذَلِكَ لَوْ قُلْنَا بِهِ سَبَبًا لِخَرْمِ قَاعِدَةِ الْآيَةِ. وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي التَّلْخِيصِ وَالتَّمْحِيصِ. وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَا مُتَعَلَّقَ فِيهَا. أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَهُوَ أَضْعَفُ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ مِمَّا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَصْلُهُ فَكَيْفَ يَثْبُتُ فَرْعُهُ؟. وَأَمَّا حَدِيثُ الْإِمْلَاجَةِ فَمَعْنَاهُ كَانَ مِنْ الْمَصِّ وَالْجَذْبِ مِمَّا لَمْ يُدَرُّ مَعَهُ لَبَنٌ وَيَصِلُ إلَى الْجَوْفِ. وَيَتَحَقَّقُ وُصُولُ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ، فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ، بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَبِنَصِّ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ»، فَإِذَا مَصَّ لَبَنَهَا وَحَصَلَ فِي جَوْفِهِ فَهِيَ مُرْضِعَةٌ، وَهِيَ أُمُّهُ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ بِالْآيَةِ بِلَا مِرْيَةٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: كَانَ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] يَقْتَضِي بِمُطْلَقِهِ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ فِي أَيِّ وَقْتٍ وُجِدَ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيَّنَ وَقْتَهُ بِقَوْلِهِ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، فَبَيَّنَ زَمَانَهُ الْكَامِلَ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يُعْتَبَرَ مَا زَادَ عَلَيْهِ. وَقَدْ رَأَتْ عَائِشَةُ أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ مُحَرِّمٌ؛ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهَا، قَالَتْ: «جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَيَرَانِي فُضُلًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِمْ مَا عَلِمْت، فَكَيْفَ تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِلَبَنِهَا».

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست