responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 465
وَرَدَّ عَلَيْهِ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقَالُوا: إنَّ لَفْظَ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ يَصْلُحُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّوَابُ مَعَ مُجَاهِدٍ؛ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى نَصٌّ فِي النِّسَاءِ بِمُقْتَضَى التَّأْنِيثِ وَالتَّصْرِيحِ بِاسْمِهِنَّ الْمَخْصُوصِ لَهُنَّ، فَلَا سَبِيلَ لِدُخُولِ الرِّجَالِ فِيهِ، وَلَفْظُ الثَّانِيَةِ يَحْتَمِلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَكَانَ يَصِحُّ دُخُولُ النِّسَاءِ مَعَهُمْ فِيهَا لَوْلَا أَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ تَقَدَّمَ، وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ لَوْ اسْتَقَلَّتْ لَكَانَتْ حُكْمًا آخَرَ مُعَارِضًا لَهُ، فَيُنْظَرُ فِيهِ، وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَتْ مَنُوطَةً بِهَا، مُرْتَبِطَةً مَعَهَا، مُحَالَةً بِالضَّمِيرِ عَلَيْهَا فَقَالَ: {يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الرِّجَالَ ضَرُورَةً. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّ قَوْلَهُ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16] عَامٌّ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، فَاقْتَضَى مَسَاقُ الْآيَتَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِي زِنَا النِّسَاءِ عُقُوبَةَ الْإِمْسَاكِ فِي الْبُيُوتِ، وَجَعَلَ فِي زِنَا الرِّجَالِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِيهِمَا جَمِيعًا الْإِيذَاءَ، فَاحْتَمَلَ وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْإِيذَاءُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عُقُوبَةً لَهُمْ [عُقُوبَةً] دُونَ الْإِمْسَاكِ، وَاحْتَمَلَ الْإِيذَاءَ وَالْإِمْسَاكَ حَمْلًا عَلَى النِّسَاءِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَهَاهُنَا نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الْجَلْدَ بِالْآيَةِ وَالرَّجْمَ بِالْحَدِيثِ نَسَخَ هَذَا الْإِيذَاءَ فِي الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْدُودًا إلَى غَايَةٍ، وَقَدْ حَصَلَ التَّعَارُضُ؛ وَعُلِمَ التَّارِيخُ، وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ، فَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِالنَّسْخِ؛ وَأَمَّا الْجَلْدُ فَقُرْآنٌ نَسَخَ قُرْآنًا، وَأَمَّا الرَّجْمُ فَخَبَرٌ مُتَوَاتِرٌ نَسَخَ قُرْآنًا، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحَقِّقِينَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَأَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي قَبْلَ هَذَا فِيهِ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 465
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست