responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 445
قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ»، فَجَعَلَ الْوَفَاءَ بِمُقَابَلَةِ الدَّيْنِ.
وَلِهَذِهِ الْآثَارِ وَالْمَعَانِي السَّالِفَةِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تُقَدِّمُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ عَلَى ذِكْرِ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا؟ قُلْنَا؛ فِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ " أَوْ " لَا تُوجِبُ تَرْتِيبًا، إنَّمَا تُوجِبُ تَفْصِيلًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ بَعْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ بَعْدِهِمَا، وَلَوْ ذَكَرَهُمَا بِحَرْفِ الْوَاوِ لَأَوْهَمَ الْجَمْعَ وَالتَّشْرِيكَ؛ فَكَانَ ذِكْرُهُمَا بِحَرْفِ " أَوْ " الْمُقْتَضِي التَّفْصِيلَ أَوْلَى.
الثَّانِي: أَنَّهُ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّ تَسَبُّبَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَالدَّيْنُ ثَابِتٌ مُؤَدًّى ذَكَرَهُ أَمْ لَمْ يَذْكُرْهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ وُجُودَ الْوَصِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ وُجُودِ الدَّيْنِ؛ فَقُدِّمَ فِي الذِّكْرِ مَا يَقَعُ غَالِبًا فِي الْوُجُودِ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ ذَكَرَ الْوَصِيَّةَ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُشْكِلٌ، هَلْ يَقْصِدُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ امْتِثَالُهُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ ابْتِدَاءً تَامًّا مَشْهُورًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَقَدَّمَ الْمُشْكِلَ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ فِي الْبَيَانِ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ مَشْرُوعَةً ثُمَّ نُسِخَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلَمَّا ضَعَّفَهَا النَّسْخُ قَوِيَتْ بِتَقْدِيمِ الذِّكْرِ؛ وَذِكْرُهُمَا مَعًا كَانَ يَقْتَضِي أَنْ تَتَعَلَّقَ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ الْمَالِ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ. لَكِنَّ الْوَصِيَّةَ خُصِّصَتْ بِبَعْضِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ جَازَتْ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لَاسْتَغْرَقَتْهُ وَلَمْ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 445
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست