responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 436
ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْبَنَاتِ وَإِنْ كَثُرْنَ شَيْئًا إلَّا الثُّلُثَيْنِ؛ وَهَذَا سَاقِطٌ، فَإِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي قَضَيْنَا فِيهِ بِاشْتِرَاكِ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ ابْنِ أَخِيهَا وَاشْتِرَاكِ ابْنِ الِابْنِ مَعَ عَمَّتِهِ لَيْسَ حُكْمًا بِالسَّهْمِ الَّذِي اقْتَضَاهُ قَوْله تَعَالَى: {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] وَإِنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ بِالتَّعْصِيبِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاكُهُمَا مَعَهُ إذَا كَانَتَا بِإِزَائِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثَيْنِ، وَهَذَا قَاطِعٌ جِدًّا. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ لَوْ وَازَاهَا مَا رَدَّ عَلَيْهَا، وَلَا شَارَكَتْهُ مُرَاعَاةً لِهَذَا الظَّاهِرِ لَقِيلَ لَهُ: لَا حُجَّةَ لَكَ فِي هَذَا الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ أُخِذَ بِالسَّهْمِ، وَهَذَا حَقٌّ أُخِذَ بِالتَّعْصِيبِ؛ وَمَا يُؤْخَذُ بِالتَّعْصِيبِ يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ بِخِلَافِ السَّهْمِ الْمَفْرُوضِ الْمُعَيَّنِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ تَرَكَ عَشْرَ بَنَاتٍ وَابْنًا وَاحِدًا، لَأَخَذَتْ الْبَنَاتُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ بِالتَّعْصِيبِ لَمْ يَقْدَحْ فِي الَّذِي يَجِبُ بِالسَّهْمِ؛ وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ بَيَانُهُ فِي الْفَرَائِضِ.

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: 11] وَهِيَ مُعْضِلَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ قَالَ: فَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ لَانْقَطَعَ النِّزَاعُ، فَلَمَّا جَاءَ الْقَوْلُ هَكَذَا مُشْكِلًا وَبَيَّنَ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ بِالنِّصْفِ وَحُكْمَ مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْبِنْتَيْنِ أُشْكِلَتْ الْحَالُ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: تُعْطَى الْبَنَاتُ النِّصْفَ، كَمَا تُعْطَى الْوَاحِدَةُ؛ إلْحَاقًا لِلْبِنْتَيْنِ بِالْوَاحِدَةِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا زَادَ عَلَى الْبِنْتَيْنِ فَتَخْتَصُّ الزِّيَادَةُ بِتِلْكَ الْحَالِ. الْجَوَابُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَوْ كَانَ مُبَيِّنًا حَالَ الْبِنْتَيْنِ بَيَانَهُ لِحَالِ الْوَاحِدَةِ وَمَا فَوْقَ الْبِنْتَيْنِ لَكَانَ ذَلِكَ قَاطِعًا، وَلَكِنَّهُ سَاقَ الْأَمْرَ مَسَاقَ الْإِشْكَالِ؛ لِتَتَبَيَّنَ دَرَجَةُ الْعَالِمِينَ، وَتَرْتَفِعَ مَنْزِلَةُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي أَيِّ الْمَرْتَبَتَيْنِ [فِي] إلْحَاقِ الْبِنْتَيْنِ أَحَقُّ؟

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 436
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست