responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 414
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: النِّكَاحُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ انْعَقَدَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، وَمَنْفَعَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عِوَضٌ عَنْ مَنْفَعَةِ الْآخَرِ، وَالصَّدَاقُ زِيَادَةٌ فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الزَّوَاجِ لِمَا جَعَلَ لَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ الدَّرَجَةِ، وَلِأَجْلِ خُرُوجِهِ عَنْ رَسْمِ الْعِوَضِيَّةِ جَازَ إخْلَاءُ النِّكَاحِ عَنْهُ، وَالسُّكُوتُ عَنْ ذِكْرِهِ، ثُمَّ يُفْرَضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ، أَوْ يَجِبُ بِالْوَطْءِ.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا قَالُوا: لَوْ فَسَدَ الصَّدَاقُ لَمَا تَعَدَّى فَسَادُهُ إلَى النِّكَاحِ، وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِفَسْخِهِ لَمَّا كَانَ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى عَقْدِهِ وَصِلَةً فِي حَقِّهِ، فَإِنْ طَابَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسًا بَعْدَ وُجُوبِهِ بِهِبَتِهِ لِلزَّوْجِ وَحَطَّهُ فَهُوَ حَلَالٌ لَهُ، وَإِنْ أَبَتْ فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا فِيهِ، كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الصَّدَاقَ عِوَضًا، وَأَجْرَاهُ مَجْرَى سَائِرَ أَعْوَاضِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُتَقَابِلَاتِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24] فَسَمَّاهُ أَجْرًا، فَوَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ عَنْ حُكْمِ النِّحَلِ إلَى حُكْمِ الْمُعَاوَضَاتِ. وَأَمَّا تَعَلُّقُهُمْ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَتَمَتَّعُ بِصَاحِبِهِ وَيُقَابِلُهُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَأَنَّ الصَّدَاقَ زِيَادَةٌ فِيهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ وَجَبَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ لِيَمْلِكَ بِهِ السَّلْطَنَةَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَيَنْزِلَ مَعَهَا مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ مَعَ الْمَمْلُوكِ فِيمَا بَذَلَ مِنْ الْعِوَضِ فِيهِ، فَتَكُونَ مَنْفَعَتُهَا بِذَلِكَ لَهُ فَلَا تَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَحُجُّ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تُفَارِقُ مَنْزِلَهَا إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيَتَعَلَّقُ حُكْمُهُ بِمَالِهَا كُلِّهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا مِنْهُ إلَّا ثُلُثُهُ، فَمَا ظَنُّكَ بِبَدَنِهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يَفْسُدُ النِّكَاحُ لِفَسَادِهِ، فَيُفْسَخُ قَبْلَ وَبَعْدَ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ، لِمَا فَاتَ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَمَضَى مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ. وَأَمَّا طِيبُ نَفْسِ الْمَرْأَةِ بِهِ إنْ كَانَتْ مَالِكَةً فَصَحِيحٌ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعُمُومِ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 414
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست