responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 343
وَالشَّاهِدُ فَاعِلَانِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ نَهْيَهُمَا عَنْ الضَّرَرِ بِمَا يَكْتُبَانِ بِهِ أَوْ بِمَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَالْكَاتِبُ وَالشَّاهِدُ مَفْعُولٌ بِهِمَا، فَيَرْجِعُ النَّهْيُ إلَى الْمُتَعَامِلَيْنِ أَلَّا يَضُرَّا بِكَاتِبٍ وَلَا شَهِيدٍ فِي دُعَائِهِ فِي وَقْتِ شُغْلٍ وَلَا بِأَدَائِهِ وَكِتَابَتِهِ مَا سَمِعَ؛ فَكَثِيرٌ مِنْ الْكُتَّابِ الشُّهَدَاءِ يَفْسُقُونَ بِتَحْوِيلِ الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ أَوْ كَتْمِهَا، وَإِمَّا مُتَعَامِلٌ يَطْلُبُ مِنْ الْكَاتِبِ وَالشَّاهِدِ أَنْ يَدَعَ شُغْلَهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ يُبَدِّلَ لَهُ كِتَابَتَهُ أَوْ شَهَادَتَهُ؛ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} [البقرة: 282]

[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَلَمْ يُجَوِّزْ الرَّهْنَ إلَّا فِي السَّفَرِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَكَافَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى رَدِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ؛ وَإِنْ كَانَ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ، فَالْمُرَادُ بِهِ غَالِبُ الْأَحْوَالِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتَاعَ فِي الْحَضَرِ وَرَهَنَ وَلَمْ يَكْتُبْ.
وَهَذَا الْفِقْهُ صَحِيحٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَاتِبَ إنَّمَا يُعْدَمُ فِي السَّفَرِ غَالِبًا، فَأَمَّا فِي الْحَضَرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِحَالٍ.

[مَسْأَلَةٌ رَهَنَهُ قَوْلًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فِعْلًا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِي الْوَثِيقَةِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلَوْ رَهَنَهُ قَوْلًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فِعْلًا لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ لَهُ حُكْمًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ الْحُكْمَ إلَّا لِرَهْنٍ مَوْصُوفٍ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا عُدِمَتْ الصِّفَةُ وَجَبَ أَنْ يُعْدَمَ الْحُكْمُ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا، لَكِنْ عِنْدَنَا إذَا رَهَنَهُ قَوْلًا وَأَبَى عَنْ الْإِقْبَاضِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 343
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست