responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 308
الْفِرْقَةُ الْأُولَى: الرَّذْلَى، قَالُوا: إنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ فَقِيرٌ مُحْتَاجٌ إلَيْنَا، وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ؛ وَهَذِهِ جَهَالَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى ذِي لُبٍّ، وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آل عمران: 181] وَالْعَجَبُ مِنْ مُعَانَدَتِهِمْ مَعَ خِذْلَانِهِمْ؛ وَفِي التَّوْرَاةِ نَظِيرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ.
الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: لَمَّا سَمِعَتْ هَذَا الْقَوْلَ آثَرَتْ الشُّحَّ وَالْبُخْلَ، وَقَدَّمَتْ الرَّغْبَةَ فِي الْمَالِ؛ فَمَا أَنْفَقَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا فَكَّتْ أَسِيرًا، وَلَا أَغَاثَتْ أَحَدًا، تَكَاسُلًا عَنْ الطَّاعَةِ وَرُكُونًا إلَى هَذِهِ الدَّارِ.
الْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ: لَمَّا سَمِعَتْ بَادَرَتْ إلَى امْتِثَالِهِ، وَآثَرَ الْمُجِيبُ مِنْهُمْ بِسُرْعَةٍ بِمَالِهِ، أَوَّلُهُمْ أَبُو الدَّحْدَاحِ لَمَّا سَمِعَ هَذَا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ أَلَا أَرَى رَبَّنَا يَسْتَقْرِضُ مِمَّا أَعْطَانَا لِأَنْفُسِنَا، وَلِي أَرْضَانِ: أَرْضٌ بِالْعَالِيَةِ وَأَرْضٌ بِالسَّافِلَةِ، وَقَدْ جَعَلْت خَيْرَهُمَا صَدَقَةً. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَمْ عَذْقٍ مُذَلَّلٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ».
فَانْظُرُوا إلَى حُسْنِ فَهْمِهِ فِي قَوْلِهِ: يَسْتَقْرِضُ مِمَّا أَعْطَانَا لِأَنْفُسِنَا، وَجُودِهِ بِخَيْرِ مَالِهِ وَأَفْضَلِهِ؛ فَطُوبَى لَهُ، طُوبَى لَهُ، ثُمَّ طُوبَى لَهُ، ثُمَّ طُوبَى لَهُ،

[مَسْأَلَةٌ مِمَّا يَكُونُ الْقَرْضُ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: الْقَرْضُ يَكُونُ مِنْ الْمَالِ وَيَكُونُ مِنْ الْعِرْضِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَشْهُورِ الْآثَارِ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ، كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي قَدْ تَصَدَّقْت بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِك».
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَقْرِضْ مِنْ عِرْضِك لِيَوْمِ فَقْرِك يَعْنِي مَنْ سَبَّك فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ حَقًّا، وَلَا تُقِمْ عَلَيْهِ حَدًّا، حَتَّى تَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُوَفَّرَ الْأَجْرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِالْعِرْضِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا فَاسِدٌ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا».

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست