responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 229
جَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ، فَقَالَ: " فَإِذَا تَطَهَّرْنَ " وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ فِي الشَّرْطِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْغَايَةِ قَبْلَهَا، فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] مُخَفَّفًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ " يَطَّهَّرْنَ " مُشَدَّدًا بِعَيْنِهِ، وَلَكِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ فِي الْآيَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا كَانَتْ الْأَبْصَارُ فِيهَا أَذِلَّةً ... وَلَا غُيَّبًا فِيهَا إذَا النَّاسُ غُيَّبُ
وَقِيلَ: إنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَا إعَادَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ كَانَ إعَادَةً لَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ: حَتَّى يَطْهُرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ خَاصَّةً، فَلَمَّا زَادَ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ اسْتِئْنَافُ حُكْمٍ آخَرَ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ فَإِنَّ الْمَعَادَ فِي الشَّرْطِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْغَايَةِ، بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ بِالْفَاءِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ لِذِكْرِهِ بِالْوَاوِ.
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فَلَا تُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ هَذَا الثَّوْبَ زَيْدًا حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ، فَإِذَا دَخَلَ فَأَعْطِهِ الثَّوْبَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ، لَكَانَ هُوَ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ لَقَالَ: لَا تُعْطِهِ حَتَّى يَدْخُلَ الدَّارَ، فَإِذَا دَخَلَ وَجَلَسَ فَافْعَلْ كَذَا وَكَذَا؛ هَذَا طَرِيقُ النَّظْمِ فِي اللِّسَانِ.
جَوَابٌ آخَرُ: وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّا لَا نَفْتَقِرُ فِي تَأْوِيلِنَا إلَى إضْمَارٍ؛ وَأَنْتُمْ تَفْتَقِرُونَ إلَى إضْمَارٍ.
قُلْنَا: لَا يَقَعُ بِمِثْلِ هَذَا تَرْجِيحٌ؛ فَإِنَّ هَذَا الْإِضْمَارَ مِنْ ضَرُورَةِ الْكَلَامِ، فَهَذَا كَالْمَنْطُوقِ بِهِ.
جَوَابٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ الثَّانِي مِنْ الْآيَةِ: إنَّا نَقُولُ: نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] أَنَّ مَعْنَاهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهُنَّ، لَكِنَّهُ لَمَّا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ، مَعْنَاهُ فَإِذَا اغْتَسَلْنَ بِالْمَاءِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ عَلَى شَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: انْقِطَاعُ الدَّمِ.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست