التصديق أتم، ومعرفته أكمل، وضبطه أسهل" [1].
فإن في ضرب الأمثال تقريبا"للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة شأن ليس بالخفي في إبراز خبيات المعاني ورفع الأستار عن الحقائق حتى تريك المتخيل في صورة المحقق، والمتوهم في معرض المتيقن، والغائب كأنه مشاهد، وهذا من رحمة الله وحسن تعليمه، فله أتم الحمد وأكمله وأعمه" [2].
ولهذا أكثر الله تعالى في كتابه من ضرب الأمثلة بالآيات الكونية وتنوعها، ففيه التمثيل بالظلمات والنور، والتمثيل بالنبات، والتمثيل بالريح وهكذا [3].
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [4].
ويلاحظ من خلال ضرب الأمثال البعد عن الغرابة الموهمة أو الغموض، فالغرابة غير مقصودة في أمثال القرآن وغير مرادة؛ فإن ضرب الأمثال إنما يكون" لتقريب المراد، وتفهيم المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثل به، فإنه قد يكون أقرب إلى تعقله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره؛ فإن النفس تأنس بالنظائر [1] مدارج السالكين: 1/ 271. [2] الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت: 1/ 109، وانظر: تفسير ابن سعدي: 2/ 848، والقواعد الحسان: 61 - 62. [3] انظر: منهج القرآن في عرض الظواهر الكونية: 91 وما بعدها، للتعرف على طريقة القرآن في التمثيل بالآيات الكونية. [4] إبراهيم: 24 - 27.