هَدَى [1].
فالله هو الذي خلق كل شيء فسواه، فأكمل صنعته، وبلغ به غاية الكمال الذي يناسبه. وقدر لكل مخلوق وظيفته وغايته فهداه إلى ما خلقه لأجله.
قال ابن سعدي -رحمه الله-: " يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته، والخضوع لجلاله، والاستكانة لعظمته، وأن يكون تسبيحا، يليق بعظمة الله تعالى، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم، وتذكر أفعاله التي منها أنه خلق المخلوقات فسواها، أي أتقنها وأحسن خلقها، {وَالَّذِي قَدَّرَ} تقديرًا، تتبعه جميع المقدرات {فَهَدَى} إلى ذلك جميع المخلوقات. وهذه الهداية العامة التي مضمونها أنه هدى كل مخلوق لمصلحته" [2].
رابعاً: بيان خضوعها لله -عز وجل-.
أخبر الله -عز وجل- في آيات كثيرة عن خضوع هذه الآيات الكونية له، طوعاً وكرهاً، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [3].
وقال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [4].
فجميع ما خلقه في السماوات وما دب على الأرض ومشى على ظهرها من مخلوقات [1] طه: 50. [2] تفسير ابن سعدي: 4/ 1959، وانظر: تفسير ابن أبي حاتم: 7/ 2424 - 2425، وتفسير القرطبي: 20/ 15. [3] النحل: 48 - 49. [4] فصلت: 11.