-عليه السلام- ربه أن يريه آية من آياته الكونية، يريد أن يطمئن قلبه بها، كما أخبر الله عنه: قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [1].
فالمسألة من قبل إبراهيم -عليه السلام- لم تعرض من جهة شك، لكن من قبل زيادة العلم؛ فإن العيان يفيد من المعرفة والطمأنينة ما لا يفيد الاستدلال، وتوارد الأدلة اليقينية مما يزداد به الإيمان ويكمل به الإيقان [2].
وقال عن الحواريين: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [3].
قال ابن كثير -رحمه الله-: " {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا} إذا شاهدنا نزولها رزقًا لنا من السماء {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} أي ونزداد إيمانًا بك وعلمًا برسالتك، {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} أي ونشهد أنها آية من عند الله، ودلالة وحجة على نبوتك وصدق ما جئت به. [1] البقرة: 260. [2] أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي تحقيق: محمد بن سعد آل سعود، جامعة أم القرى، مكة، ط1: 3/ 1546،، شرح السنة للبغوي: 1/ 114 - 115، تفسير ابن سعدي: 4/ 2017. [3] المائدة: 112 - 114.