الدلائل العقدية للآية الكونية - الأمراض-:
الله سبحانه وتعالى حكيم عليم، لم يخلق شيئاً إلا وله فيه حكمة: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [1]، ومن حكمته سبحانه وتعالى أن خلق الصحة وخلق ما يضادها من الأمراض، وهذا من آيات الله العظيمة التي أمر الله -عز وجل- بالتفكر فيها [2].
"ومن تأمل خلق الأضداد فى هذا العالم، ومقاومة بعضها لبعض، ودفع بعضها ببعض، وتسليط بعضها على بعض، تبين له كمال قدرة الرب تعالى، وحكمته، وإتقانه ما صنعه، وتفرده بالربوبية والوحدانية والقهر، وأن كل ما سواه فله ما يضاده ويمانعه، كما أنه الغنى بذاته، وكل ما سواه محتاج بذاته" [3].
ولله -عز وجل- في هذه الأمراض حكم عظيمة، فمن فوائد المرض وتمام نعمة الله على عبده، أنه ينزل بعبده من الضر والشدائد ما يلجئه إلى المخاوف، حتى يلجئه إلى التوحيد، ويتعلق قلبه بربه فيدعوه مخلصاً له الدين، قال الله تعالى عن نبيه أيوب -عليه السلام-: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [4].
فكشف الله ضره وأثنى عليه، فقال: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [5].
ومن فوائد المرض: انتظار المريض للفرج، الأمر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده، وخصوصاً إذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين وحصل له الإياس منهم وتعلق قلبه بالله وحده، وهو من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج.
ومن فوائد المرض: أنه علامة على إرادة الله بصاحبه الخير، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- [1] الأنعام: 83. [2] انظر: تفسير القرطبي: 20/ 34، والتحرير والتنوير: 30/ 304. [3] زاد المعاد: 4/ 151. [4] الأنبياء: 83. [5] ص: 44.