{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [1]، إشارة إلى العبرة من هذا التمثيل" [2].
وفي معناه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلِم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» [3].
سادساً: الإيمان بالرسل:
من الإيمان بالرسل الإيمان بالآيات التي أيد الله بها رسله، ومن تلك الآيات التي أظهرها الله -عز وجل- لنبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- انقياد الأغصان والأشجار له عند قضاء حاجته.
فعن جابر -رضي الله عنه- قال: سرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: انقادي علي بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: انقادي علي بإذن الله، فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصّف مما بينهما لأم بينهما -يعني جمعهما- فقال: التئما علي بإذن الله، فالتأمتا، قال جابر -رضي الله عنه-: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقربي فيبتعد، فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقبلا وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق" [4]. [1] الزمر: 22 - 23. [2] التحرير والتنوير: 23/ 276. [3] صحيح البخاري، كتاب العلم، باب فضل من علِم وعلَّم: 41، برقم (79). [4] صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر: 4/ 2306، برقم (3012).