وكان الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم من التابعين يمتثلون هذا، وينظرون في ملكوت الله نظر تفكر واعتبار، ويتفكرون في آيات الله المشاهدة وآياته المتلوة، والتي تتضمن آيات الشرعية وآياته الكونية.
وقد وردت الآثار الكثيرة عنهم في ذلك، فقد سئلت أم الدرداء -رضي الله عنها- عن أفضل عبادة أبي الدرداء -رضي الله عنه- قالت: " التفكر والاعتبار" [1].
وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» [2]، وعن الحسن البصري [3] -رحمه الله-: " أفضل العمل الورع والتفكر" [4]، وقال عامر بن قيس -رضي الله عنه-: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر [5].
وقد روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله: "ركعتان مقتصدتان في تفكر، خير من قيام ليلة والقلب ساه" [6]. [1] كتاب الزهد للإمام أحمد، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1: 198. [2] المصدر السابق: 202. [3] هو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن بن يسار البصري، إمام حافظ مفسر، من أئمة التابعين، توفي عام 110.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، ط2: 5/ 156، وسير أعلام النبلاء: 4/ 563. [4] إحياء علوم الدين: 1/ 220، وروضة العقلاء ونزهة الفضلاء لأبي حاتم محمد بن حبان البستي، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار المغني، الرياض، ط1: 301. [5] تفسير ابن كثير: 1/ 448. [6] مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي، أختصره أحمد بن علي المقريزي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2: 149.