السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [1] ثم علل ذلك التسبيح بأن له ملك السماوات والأرض فله ملك العوالم العليا والعالم الدنيوي، ومن ضمن ذلك أنه يحيي ويميت، فقال تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [2].
"فالإحياء والإماتة مما يشتمل عليه معنى ملك السماوات والأرض؛ لأنهما من أحوال ما عليهما، وتخصيص هذين بالذكر للاهتمام بهما لدلالتهما على دقيق الحكمة في التصرف في السماء والأرض، ولظهور أن هاذين الفعلين لا يستطيع المخلوق ادعاء أن له عملا فيهما، وللتذكير بدليل إمكان البعث الذي جحده المشركون، وللتعريض بإبطال زعمهم إلهية أصنامهم كما قال تعالى: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} ([3]) " [4].
2 - العلم:
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [5].
في هذه الآية بيان سعة علم الله، وأن ما ذكر فيها من مفاتيح الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمها، فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها؛ ومنها أنه لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه الله تعالى سواه، وكذلك لا تدري نفس بأي أرض تموت في بلدها أو غيره من [1] الحديد: 1. [2] الحديد: 2. [3] الفرقان: 3. [4] التحرير والتنوير: 27/ 358. [5] لقمان: 34.