لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [1].
فهذا الرجل الذي مر على قرية خاوية على عروشها قد باد أهلها وفني مكانها، قال جهلاً بقدرة الله: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فأماته الله -عز وجل- وحماره، ثم أحياه وحماره، وفي هذا أعظم دليل على تفرده سبحانه بالإحياء والإماتة} [2].
كما أخبر الله -عز وجل- في عدة آيات أن له ملك السماوات والأرض وأن هو المحيي المميت فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [3]. وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1] الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [4].
فقوله: {يُحْيِي وَيُمِيتُ: "لتصوير معنى الملك في أتم مظاهره المحسوسة للناس المسلم بينهم أن ذلك من تصرف الله تعالى لا يستطيع أحد دفع ذلك ولا تأخيره"} [5].
ومن الأدلة على تفرد الله -عز وجل- بالخلق أنه سبحانه وتعالى خلق آدم -عليه السلام- من غير أب ولا أم، وخلق عيسى -عليه السلام- من أم بلا أب، وخلق باقي الخلق من أم وأب، قال تعالى عن آدم وعيسى -عليهما السلام-: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [6]، وقال أيضا عن عيسى -عليه السلام-: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) [1] البقرة: 259. [2] انظر: تفسير القرطبي: 3/ 290. [3] التوبة: 116. [4] الملك: 1 - 2. [5] التحرير والتنوير: 11/ 48، وانظر: تفسير ابن كثير: 8/ 176. [6] آل عمران: 59.