وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [1].
"وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، وجميع المخلوقات، منقضية منتهية، وأما كلام الله، فإنه من جملة صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ولا لها حد ولا منتهى، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب فالله فوق ذلك" [2].
ثالثاً: توحيد الألوهية:
سبق في المبحث السابق - الأرض [3] - أن الله -تعالى- يذكر ويعدد من دلائل إنفراده بالتصرف والخلق - في الأرض وغيرها - مما هو مشاهد وأضح الدلالة على المشركين لإفراد الله -عز وجل- بالعبادة [4]، وذكر منها الأنهار التي جعلها في الأرض [5]، قال تعالى: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [6].
ولما ذكر الله -عز وجل- أنه الإله الواحد المعبود بقوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [7] ذكر الحجة على ذلك التي تبين التوحيد، وكان من جملة ما ذكر الله تعالى تسخير البحر لتجري فيه الفلك [8]، فقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ [1] الكهف: 109. [2] تفسير ابن سعدي: 488. [3] ص: 393. [4] التحرير والتنوير: 24/ 189، 17/ 57، وانظر: تفسير ابن كثير: 7/ 396. [5] انظر: تفسير ابن كثير: 6/ 203. [6] النمل: 61. [7] البقرة: 163. [8] تفسير القرطبي: 2/ 192، والتحرير والتنوير: 2/ 76.