ثانيا: توحيد الأسماء والصفات:
1 - صفة الرحمة:
أخبر الله تعالى عن حلمه وإمهاله وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها، ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها، مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض، فقال تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [1]، فهم لا يُعجزون الله على أي حال كانوا عليه.
فبين سبب عدم الخسف بهم وهو أنه سبحانه وتعالى رؤوف رحيم، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة [2].
وهذه الزلازل والخسوف والبراكين لو حدثت فهي رحمة للمؤمنين، فإن ما يصيبهم في الدنيا يحصل لهم به تكفير السيئات، قال -صلى الله عليه وسلم-: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» [3].
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوّلهم وآخرهم»، قالت: قلت: يا رسول الله كيف يخسف بأوّلهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: «يخسف بأوّلهم وآخرهم، ثمّ يبعثون على نيّاتهم» [4].
"فبعث كل واحد منهم على حسب أعماله من خير وشر، فإن كانت نيته وعمله صالحة فعقباه صالحة وإلا فسيئة، فذلك العذاب طهرة للصالح ونقمة على الفاسق، فالصالح ترفع درجاته والطالح تسفل دركاته، فلا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب والعقاب، بل [1] النحل: 45 - 47. [2] تفسير ابن كثير: 6/ 496. [3] صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير: 4/ 2295 برقم (2999). [4] صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب ما ذكر في الأسواق: 399 برقم (2118).