ثامناً: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال:
ضرب الأمثال:
ضرب الله -عز وجل- مثالاً للقاسية قلوبهم - الذين نسوا الله- وانتفاء تأثرهم بقوارع القرآن بالجبل الجامد الذي لو أنزل عليه القرآن لخشع وتصدع من خشية الله، قال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [1].
أي"لو كان المخاطب بالقرآن جبلا، لتأثر بخطاب القرآن تأثرا ناشئا من خشية لله خشية تؤثرها فيه معاني القرآن" [2].
وفي قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [3]، قيل: أن الجبال"ضُربت مثلاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثبوت دينه كثبوت الجبال الراسية والمعنى: لو بلغ كيدهم إلى إزالة الجبال، لما زال أمر الإسلام" [4].
وفي بيان عناية الله تعالى بصدقة عبده إذا قبلها منه أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -عز وجل- يربيها حتى تكون مثل الجبل، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيبٍ ولا يقبل اللَّه إلا الطيب، فإن اللَّه يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل» [5]. [1] الحشر: 21. [2] التحرير والتنوير: 28/ 116، وانظر: تفسير القرطبي: 18/ 44. [3] إبراهيم: 46. [4] زاد المسير في علم التفسير: 4/ 374، وانظر: تفسير البغوي: 2/ 569. [5] صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ، وقوله جل ذكره: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ: 1415 برقم (7430) وانظر: فتح الباري: 13/ 415، وشرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان: 1/ 384.