وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه أعطي الحوض، وأن عدد آنيته عدد النجوم، وفي رواية أكثر من عدد النجوم، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: «بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت علي آنفا سورة فقرأ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [1] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [2] إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [1]، ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي -عز وجل-، عليه خير كثير وحوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج [2] العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي؟ فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك» [3].
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله ما آنية الحوض؟ قال: «والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها ألا في الليلة المظلمة المصحية، آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه، يشخب فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله، ما بين عمان إلى أيلة، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل» [4].
ثامناً: منزلة الصحابة:
عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» [5]. [1] الكوثر: 1 - 3. [2] أي يجتذب ويقتطع، وأصل الخلج: الجذب والنزع. النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 59. [3] صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب حجة من قال البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة: 1/ 300 برقم (400). [4] صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصفاته: 4/ 1798 برقم (2300). [5] صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب بيان أن بقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمان لأصحابه وبقاء أصحابه أمان للأمة: 4/ 1961 برقم (2531).