ثالثاً: تحريف معنى سجود القمر:
سبق في المبحث السابق: الشمس [2]، بيان أن من المخالفات العقدية تحريف معنى سجود الشمس الوارد في الكتاب والسنة، في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [3].
فقال بعضهم: أن المراد بهذا السجود الخشوع والانقياد، وقيل: المراد بالسجود الدلالة على الله.
وكذلك قيل في سجود القمر.
والجواب أنه قد سبق في مبحث عبودية الكائنات [4] أن هذه الآيات الكونية تسجد لله سجوداً حقيقياً الله أعلم بكيفيته، وأن هذا السجود من الأمور الغيبية التي يجب أن نصدق بها ونسلم، وأن كل شيء يسجد لله طوعا وكرها، وأن وسجود كل شيء مما يختص به [5]، كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [6]. [1] الأعراف: 54. [2] ص: 271. [3] الحج: 18. [4] انظر: 65. [5] انظر: تفسير ابن كثير: 5/ 403. [6] الإسراء: 44.