الدلائل العقدية للآية الكونية - القمر-:
القمر آية من آيات التي تدل على خالقها وعلى قدرته وعلمه وحكمته، فهو آية عظيمة على عظمة الرب وكبريائه، قال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [1].
وقد سبق في المبحث السابق - عن الآية الكونية الشمس [2] - كلام ابن القيم -رحمه الله- بأن الله -عز وجل- " لم يقسم بشيء من مخلوقاته أكثر من السماء والنجوم والشمس والقمر" [3].
وقال -رحمه الله- عن القمر: "وانظر إلى القمر وعجائب آياته، كيف يُبديه الله كالخيط الدَّقيق، ثم يتزايد نوره، ويتكامل شيئاً فشيئاً كلَّ ليلة حتى ينتهي إلى إبداره وكماله وتمامه، ثم يأخذ في النقصان حتى يعود على حالته الأولى؛ ليظهر من ذلك مواقيتُ العباد في معاشهم وعباداتهم ومناسكهم، فتميَّزت به الأشهر والسنون، وقام به حسابُ العالم مع ما في ذلك من الحكَم والآيات والعبر التي لا يُحصيها إلاَّ الله" [4].
ولما كان القرآن كثيراً ما يقرن بين الشمس والقمر كان الاستدلال بالقمر على المسائل العقدية- في مواضع كثيرة - هو نفس الاستدلال بالشمس، وسأشير إلى ذلك - إن شاء الله تعالى-. [1] يس: 37 - 40. [2] ص: 250. [3] مفتاح دار السعادة: 1/ 303 - 304. [4] المرجع السابق: 1/ 306.