آيات الله يخوف بها عباده، وأن هذا أمر طبيعي.
وقد سبق الكلام على منزلة الأسباب في الشريعة [1]، وأن الناس في هذا المقام طرفان ووسط:
الطرف الأول: غلا في إثبات الأسباب، وأن هذه أمور طبيعية.
والطرف الثاني: أنكر الأسباب، ورد جميع ما قاله أهل الهيئة من حق وباطل.
والوسط: أن كسوف الشمس له أسباب حسية يقدرها الله -عز وجل-، وأنه آية يخوف الله بها عبادة [2].
فأسباب الكسوف وحسابه والنظر في ذلك ليس من علم الغيب، والأحاديث الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيها"إلا نفي تأثير الكسوف في الموت والحياة على أحد القولين، أو نفي تأثر النيرين بموت أحد أو حياته على القول الآخر، وليس فيه تعرض لإبطال حساب الكسوف، ولا الإخبار بأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله" [3].
وفيها كذلك بيان أنها من آيات الله يخوف بها عباده، والأمر بالأسباب التي يدفع به موجب الكسوف من أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعتاقة والصلاة والدعاء والصدقة [4].
"وكونه تخويفا لا ينافي ما قدره أهل الهيئة فيه؛ لأن لله أفعالا على حسب العادة، وأفعالا خارجة عنه، وقدرته حاكمة على كل سبب ومسبب بعضهما على بعض" [5].
وليس"من شرط التخويف ألا يكون له سبب، فإن الله كون العالم على هذا الشكل الذي يوجد فيه كسوف، ولو شاء لكونه على خلاف ذلك" [6].
والتخويف الذي يحصل لأهل الإيمان من هذه الآية" من وجوه متعددة، أوضحها: أن [1] ص: 164. [2] انظر: مفتاح دار السعادة: 2/ 291 وما بعدها. [3] انظر: المرجع السابق: 2/ 295. [4] انظر: المرجع السابق: 2/ 296. [5] فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي، دار المعرفة: 2/ 347. [6] فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: 3/ 128.