مغربها» [1].
فقيل بأن استئذان الشمس مجاز يراد به طاعتها لخالقها، وطلوعها وغروبها بمشيئته وإرادته، حتى كأنه يأمرها وينهاها فتعقل عنه، وحتى كأنها تستأذنه في رواحها وغدوها، وهذا كله يعبر عن الخضوع [2].
ونقول في ذلك مثل ما سبق في السجود، وأنها تستأذن حقيقة، والله أعلم بكيفية ذلك، فقد أخبرنا أنها تستأذن، ولم يخبرنا كيف تستأذن.
خامساً: إنكار حبس الشمس:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية إنكار حبسها لنبي من الأنبياء، وأن هذا يتعارض مع نواميس الكون، ويحدث له اضطرباً.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنماً أو خلْفات، وهو ينتظر ولادها، فغزا، فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليه» [3].
والجواب عن أن الأمر متعلق بآية وكرامة لنبي من أنبيائه،"وحبس الشمس على هذا النبي من أعظم معجزاته، وأخص كراماته" [4]، وما نواميس الكون ومسير الشمس والقمر إلا أمر من المعتاد على الناس، فإذا أمرهما خالقهما بالتخلف، أو التأخر، أو حتى تغيير الوجهة تماما، فلا يسعهما إلا الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى والله على كل شيء قدير [5]. [1] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان: 1/ 138 برقم (159). [2] مشكلات الأحاديث النبوية: 163. [3] سبق تخريجه: 262. [4] فتح الباري: 6/ 223، وانظر: تفسير القرطبي: 6/ 131. [5] انظر: المفهم لما أشكل في تلخيص كتاب مسلم: 3/ 532، وفتح الباري: 6/ 223.