الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، ثم قال: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [1] أي" يفصل لكم ربُّكم آيات كتابه، فيبينها لكم احتجاجًا بها عليكم أيها الناس، لتوقنوا بلقاء الله والمعاد إليه، فتصدقوا بوعده ووعيده، وتنزجروا عن عبادة الآلهة والأوثان، وتخلصوا له العبادة إذا أيقنتم ذلك" [2].
وقال الله تعالى مستدلاً على البعث - بعد أن ذكر جملة من الآيات والمخلوقات العظيمة، ومنها الشمس - {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} [3]، أي اطلب منهم الفتوى، فيما تسألهم عنه أهم أشد خلقا؟ أم من خلقنا من المخلوقات التي هي أعظم وأكبر منهم؟.
"وجواب الاستفتاء المذكور الذي لا جواب له غيره، هو أن يقال: من خلقت يا ربنا من الملائكة، ومردة الجن، والسماوات والأرض، والمشارق، والمغارب، والكواكب، أشد خلقا منا ; لأنها مخلوقات عظام أكبر وأعظم منا، فيتضح بذلك البرهان القاطع على قدرته جل وعلا على البعث بعد الموت ; لأن من المعلوم بالضرورة أن من خلق الأعظم الأكبر كالسماوات والأرض، وما ذكر معهما -ومن ذلك الشمس- قادر على أن يخلق الأصغر الأقل" [4].
وقد قرر الله تعالى وقوع المعاد مستدلا بخلقه السماوات والأرض وجعله المشارق والمغارب للشمس والكواكب، فقال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [5]، فالذي خلق السماوات والأرض، وجعل مشرقاً ومغرباً، وسخر الكواكب تبدو من مشارقها وتغيب في مغاربها، قادر على أن يعيدهم يوم القيامة [6]. [1] الرعد: 2. [2] تفسير الطبري: 13/ 115، وانظر: تفسير ابن كثير: 4/ 430. [3] الصافات: 11. [4] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: 6/ 678. [5] المعارج: 40 - 41. [6] انظر: تفسير ابن كثير: 8/ 229، وتفسير السعدي: 888.