"وثبت عن غير واحد من الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء المسلمين أنه خلق السماء من بخار الماء، ونحو ذلك من النقول التي يصدقها ما يخبر به أهل الكتاب عن التوراة وما عندهم من العلم الموروث عن الأنبياء. وشهادة أهل الكتاب الموافقة لما في القرآن أو السنة مقبولة" [1]، كما في قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [2]، ونظائر ذلك في القرآن.
وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض» [3]. وفي رواية صحيحة: «ثم خلق السماوات والأرض» (4).
خامساً: اعتقاد التعب والإعياء لله بعد خلق السماوات والأرض:
ومن المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية زعم اليهود أن الله تعالى استراح يوم السبت، بعد خلقه السماوات والأرض -تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا- فعن قتادة قال: قالت اليهود -عليهم لعائن الله-: خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح في اليوم السابع، وهو يوم السبت، وهم يسمونه يوم الراحة، فأنزل الله تكذيبهم فيما قالوه وتأولوه: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ أي من إعياء ولا نصب ولا تعب، كما قال في الآية الأخرى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [1] درء تعارض العقل والنقل: 2: 4/ 234، وانظر: دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية، لعبد الله بن صالح الغصن، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1: 272. [2] الرعد: 43. [3] صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ: 613 برقم (3191)، بلفظ"ولم يكن شيء غيره".
} (4) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ: 1413 برقم (7418).