خلق السماوات والأرض، فهو الذي يجب أن يعبد وحده ولا يشرك به أحد [1].
وفي محاجة إبراهيم -عليه السلام- لقومه استدل عليهم بربوبية الله الخالق للسماوات وغيرها على وجوب إفراده بالعبادة [2]، فقال: {بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى
ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [3].
ويأمر الله -عز وجل- نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- بأن يقول لقومه: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [4]، فيكون الجواب الفطري منهم: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [5]، وفي هذا يقرر تعالى وحدانيته، واستقلاله بالخلق والتصرف والملك، ليرشد إلى أنه الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له [6].
وفي خبر فتية الكهف أنهم قاموا واستدلوا على ربهم الذي يجب أن يعبد ويدعى بقولهم: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [7]، فالعبادة لا تنبغي إلا لله الذي خلق السماوات والأرض.
فكثيرًا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية [8].
1 - بعض أنواع العبادة القلبية:
قد دلت هذه الآية الكونية - السماء - على بعض أنواع العبادة القلبية، ومنها: [1] انظر: تفسير ابن سعدي: 889. [2] انظر: تفسير الطبري: 17/ 47، وتفسير القرطبي: 11/ 296. [3] الأنبياء: 56. [4] المؤمنون: 86. [5] المؤمنون: 86 - 87. [6] انظر: تفسير ابن كثير: 5/ 489، وتفسير ابن سعدي: 557. [7] الكهف: 14. [8] انظر: تفسير ابن كثير: 6/ 294.