أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [1].
فهذا يدل على كمال صفاته سبحانه وتعالى، وسعة علمه، وأنه يعلم غيب السماوات والأرض، وما تكنه السرائر وتنطوي عليه الضمائر، وسيجازي كل عامل بعمله؛ فهو يعلم الأشياء كلها ظاهرها وباطنها، ولا يخفى عليه منها شيء في الأرض ولا في السماء [2].
كما أخبر جل وعلا أنه يعلم الأخبار الماضية عن القوم السابقين ولا يعلمها أحد غيره؛ لأنه سبحانه له غيب السماوات والأرض [3]: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [4].
وبين الله -عز وجل- سعة علمه بعلمه غيب السماوات والأرض، وأن الخلق لا يعلمون ذلك، وأنه وحده لا شريك له هو المتفرد بعلم غيب السماوات والأرض، وأن غيره عاجز عن ذلك فقال: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [5].
كما أخبر تعالى بأنه عالم غيب السماوات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة - وهو ما غاب عن العباد وما شاهدوه - [6] فقال: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [7]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [8]. [1] يونس: 61. [2] انظر: تفسير الطبري: 11/ 151، وتفسير ابن كثير: 6/ 557، وتفسير ابن سعدي: 121. [3] انظر تفسير الطبري: 15/ 268، وتفسير ابن كثير: 5/ 150. [4] الكهف: 26. [5] النمل: 65 - 66 [6] انظر: تفسير ابن كثير: 6/ 338. [7] النمل: 75. [8] الحج: 70.