وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [1].
والعناية بهذه الآية الكونية، والإتقان فيها يدل على وجود خالقها وكمال ذاته وصفاته، قال تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [2]، وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [3].
ولما ذكر الله -عز وجل- استنكاره لمن كفر به في قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [4]، ذكر من الأدلة على وجوده - مع ما هو مستقر في الفطر - خلقَ السماوات والأرض [5]، فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [6].
ولما حصلت المجادلة بين الكفار ورسلهم في الله، قالت لهم رسلهم -ترشدهم إلى الدليل والطريق لمعرفة الله لمن حصل عنده شك أو اضطراب-: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [7] أي: أفي وجوده شك [8]، فهو الذي خلقها وابتدعها [1] الطور: 35 - 36. [2] النمل: 88. [3] الملك: 3. [4] البقرة: 28. [5] انظر: تفسير الطبري: 1/ 218، وتفسير ابن كثير: 1/ 213. [6] البقرة: 29. [7] إبراهيم: 10. [8] وهذا على أحد المعنيين في الآية. والمعنى الثاني: أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك، وهو الخالق لجميع الموجودات. انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 482.